لا حياد أمام إهانة القرآن: إمّا مع الحق أو مع الباطل
رُقيّة الرّشِيدي
في زمنٍ تُستباح فيه المقدّسات علنًا، وتُرتكب فيه جريمة الإساءة إلى القرآن الكريم بوقاحةٍ متكرّرة، لم يعُد الصمت حيادًا، ولا الترقّب تعقّلًا، بل صار خيانةً صريحة، وموقفًا مُدانًا، وشراكةً أخلاقية مع الجريمة ذاتها. فالإساءة إلى كتاب الله ليست زلّة فرد، ولا فعلًا طائشًا معزولًا، بل استفزازٌ مقصود، وعدوانٌ مُمنهج، وحربٌ معلنة على الإيمان، والهوية، والكرامة الإنسانية جمعاء.
لقد قال السيد حسين كلمة الفصل: الناس لم يعد أمامهم أي مجال للمناورة. لا مساحات رمادية، ولا مخارج وهمية، ولا أعذار تُسوَّق باسم السياسة أو الحريّات. إمّا أن يركبوا سفينة الحق، أو يكونوا ـ لا محالة ـ في معسكر الباطل، بيد أمريكا وإسرائيل، حيث تُدار مشاريع الإهانة والتدنيس تحت عناوين زائفة. إننا نعيش زمن الفرز الحاد، زمن السقوط أو الثبات، زمن انكشاف المواقف بلا توقف.
وما يحدث اليوم من تكرار الإساءة إلى القرآن الكريم ليس إلا أداة تمحيص إلهي، يُفرَز فيه الصادق من المدّعي، والمؤمن من المنافق. فمَن يغضب لكتاب الله، ويجهر برفضه، ويتّخذ موقفًا واضحًا، إنما يثبت أنه مع الحق فعلًا لا قولًا. أمّا الذين اختاروا الصمت، أو حاولوا التهوين من الجريمة، أو تبريرها تحت شعارات “حرية التعبير” و“الرأي الآخر”، فقد حسموا موقفهم بأنفسهم، ودخلوا دائرة النفاق دون حاجة إلى شهادةٍ من أحد.
إن أخطر ما في هذه المرحلة ليس فعل الإساءة وحده، بل تطبيع الصمت معها، ومحاولة جعلها أمرًا عابرًا يُنسى مع الوقت. فحين يُهان القرآن ولا تهتز القلوب، ولا تتحرّك المواقف، فالمشكلة لم تعُد في المعتدي فقط، بل في أمةٍ يُراد لها أن تعتاد الإهانة، وأن تفقد غيرتها، وأن تُفرّغ إيمانها من مضمونه الحقيقي.
وفي النهاية، وكما أكّد السيد حسين، لا عذر للجميع أمام الله. فالمواقف محفوظة، والنيات مكشوفة، والصمت مُسجَّل، والادّعاء لا ينفع يوم الحساب. إن القرآن الكريم ليس ورقًا يُحرَق، ولا نصًّا تاريخيًّا يُساء إليه ثم يُطوى، بل عهدٌ إلهيّ، وميزان حق، ومنهج حياة. ومن يخذله اليوم، سيقف غدًا بين يدي الله بلا حُجّة، ولا مبرّر، ولا مهرب.
هذا زمن الاختيار الواضح… فإمّا مع القرآن، أو في صف من يعتدي عليه، ولا ثالث بينهما.
Comments are closed.