دراسة جديدة: الصهيونية العربية أنقذت الكيان الغاصب من جبهة الإسناد اليمنية
الوحدة:
كشفت دراسة يمنية جديدة، عن بلوغ الصهيونية العربية ذروتها في بعض وسائل الإعلام، التي باتت ملازمة للمواقف السياسية الرسمية بشكل غير مسبوق خلال معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزة.
وأوضحت الدراسة المعنونة بـ”الصهيونية العربية والموقف من طوفان الأقصى”، أعدها السفير في وزارة الخارجية بصنعاء عبد الله علي صبري، لمركز آفاق اليمن للأبحاث والدراسات، أن الصهيونية العربية بلغت ذروتها في الإعلام، حيث تبنت كثير من الوسائل والمنصات، مثل قناتي “العربية” السعودية و “سكاي نيوز” الإماراتية، السردية الصهيونية للحرب، وتجلّى ذلك في سياساتها التحريرية التي تصف جيش الاحتلال بـ”الجيش الإسرائيلي”، والشهداء الفلسطينيين بـ “القتلى”، وتنعت عمليات المقاومة بـ “الإرهاب الحمساوي”، وتتبنى مفهوم “الدفاع عن النفس” لتبرير جرائم الاحتلال.
جدار الصدّ الأول
وخلصت الدراسة إلى أن الصهيونية العربية باتت ملازمة للمواقف السياسية للأنظمة العربية الرسمية، وتعمل على تزييف الوعي وقلب الحقائق، وهي أخطر من الصهيونية اليهودية أو الصهيونية المسيحية، ليس لأنها تقف مع الجلاد على حساب الضحية، بل لأنها تفصح عن حالة حرجة من اليأس والانهزام والانبطاح غير المسبوق في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، وإن كانت قد عرفت ظروفًا مشابهة على صعيد خيانة واستسلام الملوك والسلاطين، إلا أن ثقافة الأمة ظلت محصنة على نحو محكم في أصعب وأحلك الظروف.
ولفتت الدراسة إلى أنه يكمن خطر هذا التيار في كونه لا يعبّر عن موقف ديني كحال الصهيونية اليهودية أو المسيحية، بقدر ما تمثل تحللًا من الالتزام الديني والأخلاقي، وهذا ما يجعلها نسخة رديئة وهشة وضعيفة التأثير، لولا تواطؤ النظم العربية الرسمية والضخ الإعلامي المصاحب لها.
وأكدت الدراسة، على أهمية الوعي بدور وضرورة المقاومة بوصفها جدار الصدّ الأول في مواجهة المشروع الصهيوني ومتفرعاته السياسية والثقافية.
تصفية القضية الفلسطينية
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على رصد المظاهر النظرية والعملية لتيار الصهيونية العربية، وكشف العلاقات الظاهرة والمستترة بينه وبين مخططات الاحتلال المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خريطة ما يسمى “الشرق الأوسط” في إطار مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي يسعى إلى طمس الهوية العربية والإسلامية وترسيخ معادلة الاستباحة الشاملة، التي لا تقتصر على احتلال المزيد من الأراضي العربية، بل تحول دون المقاومة والمواجهة، وتصل إلى طمس الهوية العربية والإسلامية، وخلق ثقافة جديدة لا مكان معها لحرية الأمة وكرامتها وسيادة الدول العربية واستقلالها.
ووفقا للدراسة، يُعرّف هذا التيار؛ بأنه مجموعة من المواقف والتصريحات التي تتبنى المنطق الصهيوني في العدوان، وتوجّه سهام النقد والاتهام لحركات المقاومة في فلسطين وجبهات الإسناد، وتتخادم مع مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية.
وشددت الدراسة على أن مصطلح الصهيونية العربية ينطبق على كل عربي يدعم الاحتلال الصهيوني ويناصره على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وسواء كان مسلما أم مسيحيا، يكفي أن يكون عربيًا معاديًا للمقاومة أولاً ولشعب فلسطين ثانيًا، وللحق التاريخي في التحرر من الاحتلال، حتى نعده ضمن الصهاينة العرب، وهذا بالنسبة للحالة الشعبية والثقافية غير الرسمية. أما الجانب الرسمي، فيمكن القول: إن مصطلح الصهاينة العرب ينطبق على كل حاكم أو نظام ينخرط في التطبيع المباشر وغير المباشر مع العدو الصهيوني، ويعترف بدولته ويتعامل معها كأنها كيان شرعي، ويدخل في هذا التوصيف الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع كيان الاحتلال بدءًا بمصر والأردن، ثم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية.
أصوات شاذة
وبينت الدراسة أن تيار الصهيونية العربية قد وجد في معركة طوفان الأقصى فرصة أكبر للتعبير عن نفسه في مختلف الأبعاد السياسية والثقافية والاقتصادية؛ إذ عمل هذا التيار على خدمة الموقف السياسي للأنظمة العربية الرسمية التي سلكت درب التطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل معلن أو باتت على وشك، ونتيجة للغطاء الرسمي المصحوب بضخ إعلامي كبير، تنامت الأصوات الشاذة التي اجتهدت في تشويه المقاومة وتسخيف منطقها، والسخرية من رموزها، والتشفي في استشهاد قادتها، بالموازاة مع مباركة العدوان الصهيوني على غزة، وتبرير جرائم التوحش التي يرتكبها بحق المدنيين في غزة.
تطبيع اقتصادي
وفي الشق الاقتصادي، ذكرت الدراسة أن الصهيونية العربية في الإطار الرسمي أو القطاع الخاص، سارعت لإنقاذ الكيان الغاصب من تأثيرات الحصار البحري -الذي ضربته جبهة الإسناد اليمنية- على ميناء أم الرشراش، فيما حجبت مساعداتها الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، ولزمت الصمت تجاه حرب التجويع التي تعرض لها مئات الآلاف من الفلسطينيين.
وأشارت الدراسة إلى أن من أبرز تجليات التطبيع الاقتصادي، الإعلان عن تشغيل جسر بري بين الإمارات وإسرائيل، وهو ما استنكره الرأي العام العربي، لاسيما أن الخطوة تندرج في إطار مظاهر الصهيونية العربية، جاءت إنقاذا للكيان من تداعيات الحصار البحري الذي فرضته الجبهة اليمنية بنجاح على ميناء أم الرشراش/ إيلات في فلسطين المحتلة، وتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة اعترفت بها وسائل إعلام عبرية وغربية.
وتابعت: ففي الوقت الذي منعت فيه إسرائيل كل أنواع المساعدات إلى قطاع غزة وفرضت على نحو مليوني نسمة حصارًا خانقًا وحرب تجويع ممنهجة، ولم تتحرك أي دولة عربية – عدا اليمن- لإنقاذ غزة على نحو عملي، رأينا الصهيونية العربية وهي تسارع لإنقاذ السوق الإسرائيلية، وتزويدها بالبضائع التي تحتاج إليها، بواسطة هذا الجسر البري، مضافا إليه عمليات التصدير القائمة قبلُ ذلك بين دولة الكيان وبعض الدول العربية مثل الأردن.
عواصم عربية تقيم مهرجانات صاخبة لكن لم تسمح بتظاهرات شعبية مع القضية الفلسطينية
وأردفت: لا شك أن تنامي تيار الصهيونية العربية رسميًا وشعبيًا، لا يساعد على استمرار مسار مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، التي دعت إليها عدد من الحركات الاحتجاجية الشعبية بالتزامن مع حرب غزة وطوفان الأقصى، فمقاطعة البضائع التي حققت نجاحًا في الأيام والأسابيع الأولى من العدوان على غزة، لم تجد تجاوبًا من رجال الأعمال العرب الذين ظلوا يتعاملون مع الشركات الأمريكية والإسرائيلية تحت مزاعم واهية.
شيطنة المقاومة
ونوهت الدراسة بأن بعض العواصم العربية تصرفت وكأن ما يحدث في غزة لا يعنيها، فبالإضافة إلى أنها لم تسمح بالتظاهرات الشعبية المتضامنة مع القضية الفلسطينية، فإنها سمحت وأقامت المهرجانات الفنية الصاخبة، التي لم تخل من جدل بشأن مواقف هذه الدول والفنانين العرب من طوفان الأقصى، وجرائم الإبادة التي يتعرض لها أهل غزة.
ولفتت إلى تجاهل القائمون على موسم الرياض والمشاركون العرب في فعالياته كل دعوات المقاطعة، وتأجيل مثل هذا النوع من المهرجانات التي تحضر فيها مظاهر العُري والأداء الهابط على حساب الذوق والفن الرفيع.
وبينت أن مما يؤسف له أن أغلب الأنظمة العربية التي لم تعترف بإسرائيل، باتت على مقربة جدًا من إعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني، بدليل أنها خذلت غزة وأهلها طوال الحرب، واتجهت بكل ثقلها لشيطنة المقاومة بكل فصائلها في فلسطين ولبنان وفي جبهات الإسناد، وهذا يعني أن دائرة الصهيونية العربية إلى اتساع قادم الأيام للأسف الشديد.
نفسيات مريضة
وقالت الدراسة إنه كما كشف طوفان الأقصى عن تيار الصهيونية العربية، فإن التضحيات الكبيرة التي قدمتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مستوى القادة الشهداء، قد أبانت عن نفسيات مريضة ومنحطة لم تتورع عن التشفي في المقاومة والتندر من جمهورها، والتقليل من شأن فاعليتها في الواقع، حتى أن بعض الأبواق والأصوات التي تنطق بلسان عربي، بدت صهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم، وكما كانت بعض وسائل الإعلام العربية عنوانًا لهذا التيار، فإن الموقف من استشهاد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس شكل نقطة اللاعودة، فقد مضى هذا التيار في تبني السردية الصهيونية بشأن الشهيد البطل بلا رتوش.
وبينت الدراسة أن عدد من الوسائل العربية تصدرت مشهد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهي تقترب جدًا من تقديم الرواية الصهيونية للعدوان على غزة، وتجتهد في فتح نافذة للمتحدثين السياسيين والعسكريين باسم جيش الاحتلال، مع استضافة محللين سياسيين يتبنون الواقعية الانهزامية، والمواقف المضادة للمقاومة.
الإعلام المضاد
ولفتت الدراسة إلى أن الإعلام العربي في تعاطيه مع يوميات ”طوفان الأقصى” انطلق من ثلاثة مسارات رئيسة أولها إعلام المقاومة الذي يتبنى سردية المقاومة من حيث تبرير وتمجيد أداء فصائل المقاومة الفلسطينية، وجبهات الإسناد، وثانيها الإعلام المضاد التابع للدول المطبعة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الاحتلال، وهذا الإعلام في أغلبه يتبنى السردية الصهيونية بصورة كبيرة، وثالثها الإعلام الرمادي الذي يلتزم خط الحياد في الظاهر، لكنه يتأرجح ما بين دعم ومناهضة المقاومة، تبعًا لسير الأحداث وتغير مواقف الدول المالكة لتلك النوافذ الإعلامية.
وأضافت: لقد كانت قناتا ”العربية” السعودية و“سكاي نيوز” الإماراتية، على رأس الوسائل الإعلامية العربية، التي قدمت خطابا يخدم الأجندة الصهيونية بكل وضوح، في انسجام مع المواقف الرسمية للرياض وأبو ظبي.
Comments are closed.