محمد علي اللوزي: المقاومة.. طريق الشعوب إلى الحرية والانتصار
على امتداد التاريخ الحديث، أثبتت الشعوب أن إرادة التحرر حين تتجذر في الوعي الجمعي لا تُهزم، وأن المقاومة — بكل أشكالها وتنوعاتها — هي السلاح الأول والأخير في مواجهة الإمبريالية والاحتلال والهيمنة الأجنبية. فمن فيتنام إلى كمبوديا، ومن تشيلي إلى تشاد، ومن كوبا إلى النيجر، وصولاً إلى الصين… لم ينهض شعب لمقاومة المحتل إلا وكتب فصول انتصاره بيده، وانتزع حريته مهما بلغ حجم القوة التي واجهها.
هذه الحقيقة التاريخية ليست مجرد سرد لتجارب مضت؛ إنها قاعدة ثابتة تؤكد أن الشعوب حين تُستفز كرامتها، وحين تُمارس عليها الهيمنة والنهب والسيطرة، تتحول إلى قوة غير قابلة للكسر. واليمن اليوم ليست استثناءً من هذه المعادلة. فالشعب الذي واجه أعتى القوى عبر تاريخه، والذي شكّل عبر أجيال طويلة نموذجًا للصمود والإصرار، لن يكون ضحية لمؤامرات المتصهينين ولا ضحية للمهزومين نفسيًا الذين يحاولون بث اليأس في نفوس الأحرار وإشاعة الهزيمة الروحية.
إن دعاة الخضوع، ومن ارتضوا الذل مقابل امتيازات رخيصة وموائد مشبوهة، ليسوا سوى أدوات في مشروع يهدف إلى تفريغ الشعوب من إرادتها وتحويلها إلى أتباع بلا موقف. هؤلاء الذين يلتحفون الخيانة ويتاجرون بالقيم والمبادئ النضالية، لن يصنعوا مستقبلًا ولن يوقفوا عجلة التاريخ. فالشعوب التي تختار المقاومة تعرف أن طريقها طويل، لكنها تدرك أيضًا أن نهايته حتمًا النصر.
وفي قلب هذه المعركة الكبرى، يبقى الشعب الفلسطيني، الذي قدّم للعالم مدرسة متكاملة في الصمود والتحدي، شاهدًا حيًا على أن الإرادة الجمعية قادرة على كسر كل مشاريع الاحتلال، مهما بلغ حجم الدعم الخارجي له. وانتصاره ليس مجرد أمنية، بل هو امتداد طبيعي لمسيرة الشعوب التي قاومت الاستعمار ودفعت من دمائها ثمن الحرية.
وستظل المقاومة — في اليمن، وفلسطين، وكل أرض تُظلم فيها الشعوب وتُسلب حقوقها — جذوة الحرية التي لا تنطفئ، والزخم الذي يحفظ كرامة الإنسان ويعيد الاعتبار للتاريخ وللأجيال القادمة. ستنتصر المقاومة لأنها تجسد جوهر الكرامة الإنسانية، ولأن الأحرار الشرفاء سيبقون في مستوى التحدي لمواجهة قوى الاستكبار وعملاء البترودولار وكل من ارتضى أن يكون أداة في مشروع تحويل المنطقة إلى مناطق نفوذ وممرات مصالح.
وفي النهاية، يبقى الحق واضحًا مهما حاولت قوى الظلام تغطيته، وتبقى إرادة الشعوب هي الضمانة الأكيدة لانتصار الحرية.
وما ضاع حق وراءه مقاوم… ولا هُزمت أمة امتلكت شرف الدفاع عن كرامتها ووجودها.
Comments are closed.