عزاء يتجاوز الفقد.. قراءة في دلالات برقية السيد القائد إلى حزب الله
عبد الرزاق الباشا
بعث السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله برقية.. إلى الشيخ نعيم قاسم – الأمين العام لحزب الله.. باستشهاد القائد الجهادي الكبير هيثم بن علي الطبطبائي ورفاقه.. برقية العزاء تجاوزت الطابع البرتوكولي ..لم تكن في هذه البرقية الحزن على استشهاد القائد هيثم الطبطبائي ورفاقه.. بل جاءت محمّلة برمزية دينية وسياسية عميقة تؤكد على وحدة الصف المقاوم وتماسك جبهاته.. وتجاوزت الإطار التقليدي للعزاء.. لتؤكد على أن دماء الشهداء تمثل وقودًا لاستمرار مشروع المقاومة.. وأن العلاقة بين أنصار الله وحزب الله ليست مجرد تضامن عابر.. بل شراكة استراتيجية في معركة مصيرية ضد الهيمنة الأمريكية والعدوان الاسرائيلي ..كما حملت البرقية رسائل ضمنية للأعداء مفادها أن استشهاد القادة لا يضعف الجبهة. بل يعزز صلابتها ويجدد التزامها بالمضي قدمًا.
-وفي سياق تبيان دلالات الجريمة الصهيونية لاغتيال الشهيد هيثم الطبطبائي – وما يحدث في غزة والضفة الغربية .. قال السيد القائد إن “العدو الإسرائيلي بارتكابه لجريمة الاستهداف للشهيد ورفاقه وباعتداءاته على لبنان وغزة يُبَرْهِنُ لكل شعوب المنطقة وحكوماتها على عدوانيته المتجذرة في نهجه وسلوكه الإجرامي”وما يقابل ذلك من تخاذل الحكومات والأنظمة وبعض المكونات التي لا تكتفي بالتخاذل، بل تتبنّى مطالب وإملاءات العدوّ الإسرائيلي في تجريد هذه الشعوب المظلومة المستهدفة من سلاحها ومن عناصر قوتها، ومحاصرة مقاوميها..وهذا يعني ان إصرار العدو الإسرائيلي على العدوان ..ينبع من نهجٍ استراتيجي يعتبر أن أي تهدئة مؤقتة فرصة لإضعاف المقاومة، ..وقد ساعده على ذلك دور بعض الأنظمة العربية عبر محاصرة المقاومة والدعوة الى تجريدها من السلاح ..بينما يبقى حق الشعوب في المقاومة مشروعًا وضروريًا لمعادلة الردع.
–تحذير.. من التهدئة إلى الاستهداف
كما حذر السيد القائد في برقيته التي بعث بها إلى الشيخ نعيم قاسم – حذر من التعويل على التزامات العدو الصهيوني، مؤكدًا أن “العدو الإسرائيلي يحظى بحماية ودعم وغطاء أمريكي”. وقد ترجم ذلك المبعوث الأمريكي الى لبنان توم باراك في مقابلة له لأحدى قنوات العدو الصهيوني.. بأن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 أكتوبر 2024 قد انهار،،وأن الأحداث التي جرت.. أثبتت عدم فعاليته. وأنه لم يعد هناك جدوى من مناقشته. وعلى اللبنانيين ان يقروا بأن الوقت قد حان للتخلص من حزب الله، مع التركيز على جناحه العسكري، وأن واشنطن مستعدة، بالتعاون مع دول عربية (كالسعودية وقطر والإمارات)، هذه الجزئية تكشف أن واشنطن تعتبر اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان قد فشل، وتستخدم ذلك كذريعة للضغط باتجاه تفكيك حزب الله، خصوصًا جناحه العسكري، الذي يعد الحامي والحارس للبنان من العدو الاسرائيلي مع التأكيد على استعدادها لتنسيق خطوات عملية مع بعض الدول العربية لإنهاء المقاومة في لبنان عبر تحالف إقليمي. (السعودية، قطر، الإمارات).
-ثقة وجهاد تتجاوز الصعوبات
لم تتوقف برقية السيد القائد عند كل ما ذكرناه سلفاً بل عبّر عن ثقته التامة بثبات وصلابة حزب الله بما يمتلكه من إيمان ونهج جهادي أصيل وتجربة عملية حافلة بالنجاحات وقدرةٍ على تجاوز الصعوبات”.
كما جائت رسالة للشيخ نعيم قاسم بمناسبة يوم التعبئة السنوي دعا فيها المجاهدين للمثابرة لينالوا شرف العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وان يكونوا على نهج سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه ).
جاء في تلك الرسالتين ثقة وجهاد تتجاوز الصعوبات والانتصار (إذا انتصرنا وإذا استشهدنا انتصرنا) بأذن الله تعالى..
–موقف جمهورية إيران الحاسم
كان من الضروري في هذه القراءة أن نتناول موقف جمهورية إيران الإسلامية وما يحدث من عدوان مباشر على لبنان بشكل عام .واغتيال الشهيد هيثم الطبطبائي بشكل خاص.. الذي جاء شديد اللهجة.. توعّد فيه الحرس الثوري بردّ “ساحق” في الوقت المناسب، وأن الخيار العسكري مطروح بقوة ضمن حسابات الرد..
حيث ذهب المحللين السياسيين بأن رد الحرس الثوري هي رسالة سياسية لطمأنه الحلفاء.. واستراتيجية لإبقاء العدو الاسرائيلي في حالة استنزاف.. وعسكرية لتأكيد أن أي استهداف لن يمر دون ردٍّ نوعي.
-اليمن وحزب الله… تضامن ثابت وخيار الجهاد الواعي.
نختم هذه القراءة في دلالات برقية السيد القائد من رسالته الختامية إلى حزب الله.. بتجديد موقف اليمن الثابت
والتضامن التام مع حزب الله وإلى جانبه.. في مواجهة الطغيان الإسرائيلي الصهيوني المستهدف لكل أمتنا”.. حيث كانت رسالة ختامية ثلاثية الأبعاد .. سياسية ودينية واستراتيجية:
-البُعد السياسي: تجديد موقف اليمن الثابت يرسّخ موقعه داخل محور المقاومة، ويؤكد أن التضامن مع حزب الله ليس موقفًا عاطفيًا بل خيارًا استراتيجيًا في مواجهة المشروع الإسرائيلي الصهيوني الذي يستهدف الأمة كلها.
-البُعد الديني-القيمي: الدعوة إلى “حمل راية الجهاد” التي تمنح المواجهة شرعية دينية وأخلاقية..وتحوّلها من مجرد صراع سياسي إلى واجب جماعي مقدّس.
-البُعد الاستراتيجي: التأكيد على أن “الخيار الصحيح والواقعي” هو التحرك الواعي والمسؤول، يعني أن المقاومة ليست رد فعل عاطفي..بل مشروع مدروس يوازن بين الوعي السياسي والقرار العسكري، ليبقى قادراً على مواجهة المؤامرات طويلة الأمد.. حتى زوال الكيان الصهيونى الدخيل على المنطقة وتحرير فلسطين المحتلة كل فلسطين..
والله من وراء القصد
Comments are closed.