مؤسسة “غزة الإنسانية” تغادر غزة بعد خلصت مئات الفلسطينيين من ويلات الإبادة بقتلهم
مع إعلان “مؤسسة غزة الإنسانية” إنهاء عملها في قطاع غزة، عادت الأسئلة لتُطرح حول طبيعة الدور الذي أدّته خلال الأشهر الماضية، وحجم تأثيرها على المشهد الإنساني المتدهور في القطاع. فقد ارتبط وجود هذه المؤسسة، التي أنشأتها واشنطن، بسلسلة واسعة من الانتقادات والجدل، شملت اتهامات بتجاوز القواعد الأساسية للعمل الإنساني، والارتباط بمواقع توزيع شهدت استهدافات دموية متكررة للمدنيين.
ومع انسحابها المفاجئ، يتصاعد النقاش حول مسؤوليتها المحتملة عن تفاقم الأزمة، وعن الأبعاد الأمنية والتنظيمية لعملها، وسط تحذيرات من أن تكون التجربة نموذجاً لسلوكيات خطرة قد تتكرر مع أي جهة دولية تعمل في قطاع محاصر يواجه كارثة إنسانية مفتوحة.
اعتراف بالفشل
يرى الأكاديمي والباحث في مجال العمل الإنساني عثمان الصمادي أن إعلان المؤسسة الأمريكية إنهاء عملها في غزة يمثّل “اعترافاً واضحاً بالفشل”، بعد الدور الخطير الذي مارسته على مختلف المستويات.
وقال الصمادي في حديث مع “قدس برس” إن منظمات الأمم المتحدة رفضت التعاون مع المؤسسة داخل القطاع، نظراً لمخالفتها أحكام القانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف، ونظام روما الأساسي، إضافة إلى استخدامها الغذاء كسلاح للتجويع، ومساهمتها بصورة مباشرة وغير مباشرة في دفع المدنيين نحو النزوح القسري إلى جنوب القطاع.
دور أمني خطير
وأضاف أن المؤسسة لعبت دوراً أمنياً حساساً من خلال تصوير كل من يتردد على نقاط توزيع المساعدات، في محاولة لجمع معلومات شخصية يستهدف الاحتلال الوصول إليها، مشيراً إلى وجود شركات أمنية أشرفت على هذه العمليات.
وأكد الصمادي أن المؤسسة “لم تكن جزءاً من حلّ الأزمة الإنسانية، بل جزءاً من تعميقها”، إذ إن ما كانت تقدّمه من مساعدات لا يتجاوز “قطرة في بحر” الاحتياجات الهائلة للسكان. كما أنها لم توزع المواد بشكل عادل أو شامل، بل عمدت – بحسب قوله – إلى جرّ المدنيين نحو نقاط أمنية محددة تم استهدافهم وقتلهم فيها أكثر من مرة.
عصابة إجرامية
ووصف الصمادي مؤسسة “غزة الإنسانية” والقائمين عليها بأنها “عصابة إجرامية مسيّسة”، مشدداً على أنهم سيواجهون الملاحقة أمام المحاكم الدولية بسبب ما ارتكبوه من جرائم بحق سكان القطاع. كما حذّر من تكرار هذا النمط “الخطير” من السلوك عبر قوة سلام دولية يُتوقع تدخلها اقتصادياً وإنسانياً بدعم سياسي واسع.
ملزمة بالتعويض
من جانبه، قال المحامي والناشط الحقوقي لؤي عبيدات إن وجود “مؤسسة غزة الإنسانية” في نقاط عسكرية شديدة الخطورة تسبّب بشكل مباشر في مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين.
وأوضح عبيدات في حديث مع “قدس برس” أن تكرار عمليات الاستهداف في المكان ذاته وعلى دفعات متتالية، يشير إلى تعمّد واضح في جذب المدنيين إلى مناطق قتل محققة، ما ألحق أضراراً كبيرة بالشهداء وبعائلاتهم، ويمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
وختم بالقول إن المؤسسة “ملزمة قانونياً بدفع التعويضات الكاملة لعائلات الشهداء والجرحى”، لأنها – بحسب تعبيره – تتحمل المسؤولية المباشرة عن استهدافهم أثناء توجههم لتلقي الغذاء والمساعدة.
حماس تدعو إلى تحقيق دولي
وفي سياق متصل، رحّبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بانسحاب المؤسسة الأمريكية من قطاع غزة، واعتبرت في بيان لها أن مغادرتها تمثّل “انكشافاً متأخراً لدورها غير الإنساني”، مشيرة إلى أنّ وجودها ارتبط بـ”سلوكيات مشبوهة” أسهمت في تعميق معاناة السكان، وتسبّب في جرائم استهداف متكررة للمدنيين عند نقاط توزيع المساعدات.
ودعت الحركة إلى فتح تحقيق دولي مستقل حول طبيعة الأنشطة التي مارستها المؤسسة، وضمان عدم السماح لأي جهة دولية بتكرار هذا “النمط الخطير” تحت غطاء العمل الإنساني في غزة.
يُذكر أن مؤسسة غزة الإنسانية هي منظمة أمريكية أُسست في شباط/فبراير 2025 كجهة خاصة لتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، خلال حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي. قادها سابقاً جيك وود حتى استقالته في 25 أيار/مايو 2025 معللاً استقالته بغياب الاستقلالية واستحالة الالتزام بالمبادئ الإنسانية الأساسية.
وبحلول 11 تموز/يوليو 2025، قُتل ما لا يقل عن 798 فلسطينياً عند نقاط توزيع المؤسسة وقرب قوافل لمنظمات إغاثة أخرى، وفقاً لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فيما جُرح أكثر من 3 آلاف أثناء سعيهم للحصول على المساعدات. وقد وصف فلسطينيون مراكز توزيعها بأنها “مصائد للموت”، قبل أن تعلن الولايات المتحدة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري إنهاء عمليات المؤسسة.
المصدر : “قدس برس”
Comments are closed.