انفجار بركان إثيوبي يصل غباره إلى اليمن
وكالات:
شهد إقليم عفر، شمال شرقي إثيوبيا، ثوراناً بركانياً في جبل “عرت علي” المعروف محليّاً باسم “هايلي غوبي” عند الرابعة من عصر أمس الأحد. وقد أدّى الانفجار إلى تصاعد الرماد والغبار من البركان، بحيث غطّيا السماء، وصولاً إلى منطقة أفديرا المجاورة والقرى المحيطة بها، بحسب ما أفاد موقع الراصد الإثيوبي اليوم الاثنين.
وأعلنت سلطات إثيوبيا، أمس الأحد، عن ثوران غير معتادٍ وقع في الجزء الجنوبي من البركان على بُعد نحو عشرة كيلومترات من مركزه، ما أدّى إلى تصاعد سحب كثيفة من الدخان والرماد فوق المنطقة، غطّت أجزاءً واسعة من سماء اليمن.
وأكدت أستاذة الجيولوجيا في جامعة سمرا بإقليم عفر لنورا لنيميو أنّ رائحة الرماد تشبه رائحة الكبريت، وقد سبّبت صعوبة في التنفس، بالإضافة إلى مشاكل أخرى.
ووُجّهت نصائح إلى السكان المحليين لاتّخاذ الاحتياطات اللازمة بارتداء أقنعة الوجه ومعدات الحماية الأخرى التي تغطي الفم والأنف والعينين، نظراً لضخامة الانفجار. وأكد السكان أنّه سُمع صوته في المناطق والمدن المجاورة.
وهذا العام، تعرّضت المنطقة مراراً وتكراراً للزلازل والرياح العاتية والانفجارات البركانية، ما تسبّب بوفيات وأضرار في الممتلكات ونزوح المواطنين من مناطق عدة.
وبحسب مصادر محلية، فإنّ الانفجار هو عبارة عن انفجار بركان درعي كان خامداً في صدع إقليم عفر في إثيوبيا، حيث ارتفعت سحابة يصل ارتفاعها إلى 45 ألف قدم، ما يشير إلى حدث نادر وعالي الطاقة في بركان لم يشهد ثوراناً معروفاً منذ آلاف السنين، وفقاً لموقع الراصد الإثيوبي.
وأطلق بركان “عرت علي”، ليل أمس الأحد، أحد أكبر أعمدة ثورانه في السنوات الأخيرة. واندفع عمود شاهق من الغاز والرماد والبخار نحو السماء، مشكلاً سحابة شمسية ضخمة فوق فوهة البركان.
وبحسب مراكز بحثية دولية، فإنّ قمة جبل “عرت علي” في إقليم عفر هي إحدى أنظمة بحيرات الحمم البركانية النادرة والثابتة على الأرض، وهي نافذة مباشرة على وشاح الكوكب، وأحد الأماكن القليلة التي تتمزق فيها القشرة الأرضية بشكل فوري، وعندما تثور تكشف عن مراحل تفكك القارات.
وتأثرت محافظات في جنوب وغربي اليمن، مساء أمس الأحد امتداداً إلى اليوم الاثنين، بعد وصول سحب من الرماد البركاني الذي وقع في إقليم عفر الإثيوبي.
وأفاد سكان محليون في عدد من المحافظات اليمنية بأنّ غباراً داكن اللون يشبه الرماد البركاني تساقط على عدد من المحافظات، بالإضافة إلى أتربة سوداء خفيفة إلى متوسطة الكثافة، مصحوبة بموجة غبار داكنة متزامنة مع تغير واضح في لون السماء. وتركزت موجة الغبار بشكل أساسي في محافظات الحديدة وتعز وإب، كما وصل تأثير موجة الغبار إلى سواحل محافظة حضرموت، شرقي اليمن.
وأكد عدد من المزارعين أن موجة الغبار أثرت على المَزارع، إذ ظهرت الأتربة السوداء بشكل واضح على الأشجار، ما أثار هواجسهم من أيّ تأثيرات محتملة على المحاصيل الزراعية.
وأكد مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر التابع للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد أن سحب الرماد البركاني القادمة من إثيوبيا تتمدد إلى أجزاء واسعة من اليمن نتيجة الرياح السائدة، وفقاً لما أظهرته صور الأقمار الاصطناعية. وأفاد المركز في بيان صادر عنه بأنّ هذا النوع من الرماد يحتوي على جسيمات دقيقة من الصخور والزجاج البركاني، وبأنّ خطر التأثر به لا يقتصر على المناطق القريبة من البركان فقط، بل يمكنه أن ينتقل مئات الكيلومترات وفقاً لحالة الرياح.
وشدد مركز التنبؤات الجوية على أهمية العمل بالتوصيات والإجراءات الآتية للحد من أضرار هذا الرماد البركاني، والتي تشمل البقاء داخل المنازل قدر الإمكان، ارتداء كمامات ونظارات واقية عند الضرورة للخروج من أجل تقليل استنشاق الجسيمات، وغسل الوجه والعينين، وحماية الخزانات المنزلية للمياه وإغلاقها بإحكام.
وأوصى المركز بإجراءات للحد من أضرار هذا الرماد البركاني، وكشف أنه بعد تهدئة السحابة الرمادية، يجب تنظيف الأماكن بلطف من خلال استخدام خرطوم ماء منخفض الضغط أو المسح بقطعة مبللة. وإذ نبّه من احتمال تلوث مياه الري بالرماد، نصح المركز بفحص المضخات والنُّظم المرشحة للمياه وتنظيفها إذا لزم الأمر، ومتابعة الإشعارات من الجهات الرسمية والأرصاد بخصوص كثافة الرماد وتحديثات الحالة.
كما حذّرت الهيئة الجيولوجية اليمنية من التأثيرات المحتملة للنشاط البركاني في إثيوبيا على اليمن، وأشارت إلى أن المنطقة قد تشهد تغيّرات بيئية متفاوتة، نتيجة حركة الرماد البركاني في طبقات الجو. وأضافت أنّ استمرار هذه الظاهرة واردٌ خلال الساعات المقبلة، داعيةً المواطنين إلى اتخاذ إجراءات وقائية، خصوصاً لمرضى الحساسية والجهاز التنفسي، والحرص على تجنب التعرض المباشر للغبار أو استنشاقه. وأشارت الهيئة إلى أن الغطاء الدخاني بدأ يتدفق نحو المحافظات الغربية، وقد وصل على هيئة غازات غير مرئية إلى سواحل حضرموت.
وأرسلت السلطات الإثيوبية فرقاً متخصصة من باحثي الجيوفيزياء لإجراء تقييمات عاجلة للمخاطر، وسط تحذيرات للسكان من احتمال تطاير الشظايا الصخرية والانبعاثات الكثيفة التي قد تتسبب باضطرابات بيئية في محيط البركان.
ويُعدّ بركان “عرت علي” في إقليم عفر أحد أكثر البراكين نشاطاً في منطقة القرن الأفريقي، ويُصنّف ضمن البراكين الدرعية المفتوحة التي تتكرر فيها الانبعاثات البركانية، نتيجة طبيعة المنطقة الجيولوجية التي تقع ضمن وادي الغرق، أحد أكثر الأخاديد القارية نشاطاً زلزالياً وبركانياً في العالم.
وتداولت وسائل إعلام أنّ بركان “هايلي غوبي” الإثيوبي أسفر عن هزات عنيفة في المناطق المحيطة، وموجة من الغبار والرماد البركاني بمحافظات عدة في اليمن، وأفادت بأنه بحسب مراكز الرصد الجوي، فقد ساهمت الرياح النشطة في نشر الرماد وغاز ثاني أكسيد الكبريت عبر البحر الأحمر، وتأثرت محافظات الحديدة وإب وذمار وصنعاء والمناطق الساحلية والوسطى، قبل أن تمتد شرقاً نحو حضرموت.
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر بركان “هايلي غوبي” مرفقاً بصور وفيديوهات، حيث أشار الروّاد إلى أن البركان نفث رماده في الغلاف الجوي، وأنّ الأقمار الصناعية رصدت انتشاره في سماء اليمن وبعض أجزاء من السعودية وسلطنة عُمان.
ونشر حساب “راصد الزلازل والبراكين 2025” على منصة إكس تقريراً حول انتشار غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) من القرن الأفريقي، والقادم تحديداً من إثيوبيا باتجاه اليمن والسعودية والصومال وسلطنة عُمان، وامتداده حتى 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. وأوضح احتمال استمرار الغيمة لأيام عدة إضافية.
وأفاد التقرير ذاته بأنّ بيانات الخرائط الجوية تشير إلى أن مصدر الغيمة هو النظام البركاني في منطقة عفر بإثيوبيا، وخصوصاً بركان “عرت علي” المعروف بانبعاثاته المستمرة بسبب وجود بحيرة حمم نشطة. كما قد تساهم فوهات أخرى مثل بركان نَبرو في إريتريا بانبعاثات غازية إضافية. إذ تنتقل الغيمة من شمال إثيوبيا عبر إريتريا وجيبوتي، ثم تعبر نحو اليمن وجنوب السعودية (عسير، جازان، نجران، السليل)، وتمتد إلى الصومال وسلطنة عُمان نتيجة حركة الرياح الشرقية والشمالية الشرقية.
وتابع التقرير: “تُظهر الخرائط تركيزات مرتفعة فوق صنعاء، جيبوتي، وأبها والمناطق الجبلية، مع انتشار أخف فوق الصومال والسواحل العُمانية. أما الأضرار الصحية فتشمل ضيق التنفس، السعال، حريقاً في العينين، وتفاقم مشاكل مرضى الربو والقلب. أما الأضرار البيئية فتشمل الأمطار الحمضية التي تؤثر على التربة والمباني والنباتات، وضعف نمو النباتات، وتغير حموضة المياه”، مشيراً إلى أن “الوضع يتطلب متابعة دقيقة واحتياطات صحية وبيئية”.
Comments are closed.