حكايات الجدّات الشعبية اليمنية… تراث يختفي بصمت
رقية الرشيدي
ثقافاتٌ متداخلة، وزخمٌ معرفي متزاحم، وتراثٌ بدا وكأنه على مقربةٍ من الاندثار، حكايا وأحداث كانت جزءًا لا يتجزأ من طفولة اليمنيين، كادت لا تخلو الحياة من أجواء الغوص في خلفياتها والدروس منها، باتت تُشكل حولها مخاطر الاختفاء بصمت.
الحكايات الشعبية، هي سلسلة تاريخ شعبي رواه وتناقله الأجداد والجدّات شفهيًا مع عدم خلوه من الحكم والعبر والقيم التي باتت تختفي في ظلّ حربٍ ناعمة، مثل حكايا “سعودة”، و”الذئب والغزالة”، و”أم الصبيان”.
لقد أحبها الأطفال والجدّات حدٍ سواء، تجتمع عليها موائد الأسر، وتُحلى بها سهراتهم، لا يغادر من مضامينها قيم اتصف بها اليمنيون من سالف الزمن، تتربع الحكمة بين ثنايا حروفها، والشجاعة في شخصياتها، بها صور الحياة والتراث الأصيل للبيئة اليمنية الحبيبة.
لكن اليوم، تقلّصت البيوت في رواياتها لأطفالها عن الحكايات الشعبية اليمنية، ليبقى التراث هزيلًا يختفي بصمت مؤلم عن أوساط المجتمع. غياب الجو الأسري، الأجهزة الذكية، والقصص الغربية الدخيلة، كلها عوامل أطلقت سهامها الحرب الناعمة لمحاولة طمس هوية شعب بأسره، وزرع الثقافة الغربية في عقول الأطفال، وانفصال الجيل الحاضر عن الجيل الماضي في ضعف اتصال مريب شكّل وجهة نظر للأطفال مغايرة، ترى الثقافات الغربية في ظل الضياع الذي تسير نحوهُ الحكايات الشعبية.
الخسارة الحتمية ستكون ثمينة إن اندثرت الحكايات التراثية الشعبية. الانفتاح على الثقافات الغربية ستتسع دائرته بشكل أكبر، وتتبدل قيّم الأجيال مع وجود أعوان الشيطان الذين تستهدف حربهم الناعمة الوعي والهُوية.
ختامًا، الحكايات التراثية الشعبية أسطورة يمنية، ومكافأتنا لها هي إعادة إحيائها في بيوتنا ومدارسنا وفعالياتنا الثقافية. فإحياؤها ليس حفاظًا على التراث فحسب، بل هو سلاح فعّال لجيل يواجه أعنف صور الحرب الناعمة التي تسعى لطمس الهوية الثقافية عبر وسائلها المعروفة.
Comments are closed.