لماذا فرضت صنعاء حظراً بحرياً على شركات أمريكية؟
نجيب علي العصار
فرضت حكومة التغيير والبناء في صنعاء حظراً في البحر الأحمر على شركات نفط أميركية كبرى، في خطوة تهدف للرد بالمثل على العقوبات الأميركية ورسم معادلة جديدة.
وتذهب بعض التحليلات نحو تأكيد أن “القرار اليمني يأتي رداً بالمثل على سلسلة عقوبات أمريكية أُعلنت من قبل مكتب الأصول الخارجية في وزارة الخزانة، بتاريخ 20 يونيو و22 يوليو و11 سبتمبر 2025، على شركات يمنية عاملة في استيراد المنتجات النفطية وأفراد”.
وكانت اليمن وبرعاية عمانية اتفقت على التهدئة في البحر الأحمر مع أمريكا في 6 مايو 2025م.
وتشير بعض التحليلات إلى أن هذه العملية تأتي انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطيني، ورداً على جرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ وجرائم التجويعِ التي يقترفها العدو الصهيوني في قطاعِ غزة، وتأكيدا على استمرارِ حظرِ حركةِ الملاحةِ البحريةِ للعدوِ الإسرائيلي في البحرينِ الأحمرِ والعربي، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
ردة فعل
يرى الأكاديمي والدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين، د. نبيل أحمد الدرويش، أن هذه العقوبات الاقتصادية تُعد جزءاً من مبدأ الرد بالمثل على العقوبات الأمريكية السابقة، ورسالة تحذيرية للكيانات الأمريكية التي تتعامل بالنفط الأمريكي، خاصة تلك التي تسهم في مد الكيان الإسرائيلي بالوقود.
لكن في حديثه لـ”الوحدة”، لم يعتبر الدرويش هذا القرار بأنه “يعكس رغبة في تصعيد مباشر تجاه السفن الأمريكية التي ليس لها نشاط مماثل، ما يجعل أثرها على اتفاق التهدئة البحرية بين صنعاء وواشنطن محدودًا في الوقت الحالي”.
د. الدرويش: العقوبات الاقتصادية لصنعاء تأتي ضمن مبدأ “المعاملة بالمثل”
مؤكداً أن هذه العقوبات الاقتصادية تأتي في سياق الموقف اليمني المساند لأهل غزة، وهو موقف تتبناه حكومة صنعاء منذ بداية العدوان على غزة الذي سيكمل عامه الثاني في السابع من أكتوبر الجاري، وهو موقف يعكس إرادة شعبية واسعة جداً تتضامن مع القضية والمظلومية الفلسطينية ضد العدوان والحصار.
وخلُص الدرويش إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة من الوسائل التي يستخدمها اليمن للضغط على كيان الاحتلال وحليفه الأكبر الولايات المتحدة، بهدف وقف الإبادة الجماعية في غزة ورفع الحصار الخانق عن أهلها.
التهدئة قائمة
من جانبه، قال الباحث أنس القاضي، أن وضع الصدام اليمني الأمريكي حاليا في البحر الأحمر متوقف بفعل الاتفاقية الموقعة في 6 مايو 2025م، إلاّ أنه يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية مستمرة في جهود العدوان على اليمن، خصوصاً في الحرب الاقتصادية وفرض العقوبات.
وقال القاضي، في حديثه لـ”الوحدة”، “أن اليمن قابلت السياسة العدوانية الأمريكية بسياسة متكافئة، وهي فرض عقوبات على بعض شركات النفط الأمريكية”.
مؤكداً أن هذه السياسة لحكومة التغيير في صنعاء لها أبعاد مهمة ، وفي مقدمتها أن الجمهورية اليمنية متمسكة بسيادة اليمن، وتتعامل بالمثل مع الدول التي تمس المصالح الوطنية، معتبرا “أن هذا الواقع أمر جديد في تاريخ ما بعد الوحدة اليمنية، كما أنه أمر غير معهود على مستوى العالم العربي، إذّ لا تجرؤ الأنظمة على مقابلة الولايات المتحدة بالمثل”.
ولفت القاضي إلى أن التهدئة لازالت قائمة، إذا اعتبرنا العقوبات الأمريكية خرقاً والعقوبات اليمنية خرقاً، فإن هذه الخروقات المتبادلة ليست تصعيداً خطراً يُهدد الاتفاقية بين الجانبين.
القاضي: اليمن قابلت السياسة العدوانية الأمريكية بسياسة متكافئة وليس خرقا للهدنة
وأشار قائلاً: “ردود الافعال المتبادلة من قبل الطرفين قد تتعقد ما يؤدي في نهاية المطاف إلى سوط الاتفاقية القائمة، قد يحدث هذا مستقبلاً أما المؤشرات الراهنة فالاتفاقية قائمة”.
منشآت اقتصادية
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت في 11 سبتمبر، عن أكبر عقوبات شملت منشآت اقتصادية وإنتاجية وطنية لأول مرة ضد حكومة صنعاء.
وشملت العقوبات نحو 32 فرداً وكياناً، وتحديد هوية أربع سفن من ضمنها شركة “كمران” للصناعة والاستثمار المتخصصة بالتبغ والكبريت الوطنية “كمران”.
ليس خرقا
وفي ذات السياق، قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محافظ محافظة ذمار محمد ناصر البخيتي، في تغريدة على منصة “أكس” ان دخول قرار فرض حظر تصدير النفط الأمريكي حيز التنفيذ ضمن مسرح عملياتنا العسكرية ليس خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار بين اليمن والولايات المتحدة، بل هو ردُّ فعلٍ عادل على الحظر الأمريكي المفروض على دخول الوقود إلى اليمن.
مشددا على ان اليمن لن يسمح لأمريكا بفرض معادلة ممارسة العدوان والحصار الاقتصادي من طرف واحد، وان صنعاء ستقابل العدوان بالعدوان والحصار بالحصار.
البخيتي: لن نسمح بفرض معادلة ممارسة العدوان والحصار من طرف واحد
حظر بحري
وفي وقت سابق، أصدر مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC) في صنعاء، قراراً بإدراج 13 كياناً و9 أشخاص وأصلين بحريين في قائمة العقوبات (PAYAIS) لانتهاكهم قرار حظر تصدير النفط الخام الأمريكي.
وشملت العقوبات كبرى شركات الطاقة الأمريكية، بما في ذلك إكسون موبيل، وشيفرون، وكونوكو فيليبس، وفيلبس 66، وفاليرو إنرجي، وماراثون بتروليوم، بالإضافة إلى شركات الشحن والنقل المرتبطة بعمليات التصدير.
وأوضح المركز أن هذا القرار يأتي تنفيذاً لقرار حظر تصدير النفط الخام الأمريكي (PD-05-25-001)، ورداً على العقوبات الأمريكية الصادرة في يونيو ويوليو وسبتمبر 2025، وتطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل المنصوص عليه في القانون اليمني.
وينطوي القرار على حظر التعامل مع الكيانات والأشخاص والأصول المدرجة، ومنع استخدام الوسطاء أو الشركات الوهمية للتعامل معهم، مع إمكانية توسيع نطاق العقوبات ليشمل الشركات التابعة والمدراء والأقارب.
ومن أبرز الأسماء المدرجة في قائمة العقوبات دارين وودز (رئيس إكسون موبيل)، ومايكل ورث (رئيس شيفرون)، وريان لانس (رئيس كونوكو فيليبس)، بالإضافة إلى ناقلتي النفط SEAWAYS SAN SABA وSEAWAYS BRAZOS.
وأكد المركز أن الهدف من العقوبات “ليس المعاقبة بحد ذاتها، بل إحداث تغيير إيجابي في السلوك”، مشيراً إلى استعداده لإزالة الأسماء من قوائم العقوبات في حال استيفاء الشروط القانونية.
ولوّح “مركز تنسيق العمليات الإنسانية”، بتوسيع نطاق هذه العقوبات لتشمل الكيانات التي تُساهم فيها تلك الجهات، وكبار المديرين أو المالكين الفعليين للشركات المُدرجة في لائحة العقوبات اليمنية.
ومنذ السابع من أكتوبر2023م، تشن القوات المسلحة هجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد أهداف متعددة في إسرائيل منذ أكتوبر 2023، فيما تستهدف منذ نوفمبر 2023، السفن المرتبطة بإسرائيل، أو المتجهة إليها، يأتي ذلك تضامنا ونصرة لغزة، التي تتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي، خلّفت 67 ألفا و74 شهيدا، و169 ألفا و430 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 459 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.
Comments are closed.