إبراهيم محمد الهمداني: سبتمبر الثورة.. سيادة واقتدار
تحل علينا ذكرى الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، وتليها ذكرى 26 سبتمبر 1962م، وبينهما بون شاسع من الزمن والإنجازات، وإذا كانت 26 سبتمبر قد تعرضت لما تعرضت له مثيلاتها، من اغتيال القوى الإمبريالية، وحرف مسارها لصالح القوى الاستعمارية، فإن ثورة 21 سبتمبر 2014م، قد نجحت في اجتياز التجيير والانحراف، وظلت يمنية شعبية خالصة، تعبر عن ضمير الشعب وتتحدث بلسانه، وتحقق إرادته وطموحاته، ولعل أهم منجزاتها – وقد بلغت عامها الحادي عشر – هو تحقيق السيادة واستقلال القرار اليمني، بعيداً عن إملاءات الوصاية، وتوجيهات السفارات الأجنبية، وتحقيق هذا الأمر بالذات، كان أبعد من الخيال، وكذلك تحقيق حالة الأمن والاستقرار المجتمعي، الذي بلغ أعلى مستوياته، وأرقى وأبهى مظاهره وصوره، وإحباط كُـلّ محاولات التخريب، وإقلاق الأمن والسكينة المجتمعية، وإسقاط شبكات التجسس الأمريكية الإسرائيلية، بكل جرأة واقتدار، وقطع كُـلّ أذرع العمالة والخيانة، دون تلكؤ أَو خوف أَو تهاون، وفضح أمريكا وأخواتها، وربيبتهم “إسرائيل”، بلسان عملائهم وجواسيسهم، على مرأى ومسمع العالم أجمع، بالإضافة إلى إسقاط شبكات الدعارة، والمخدرات والحرب الناعمة، وعصابات النصب والاحتيال والسرقة، وجماعات داعش التكفيرية، وأعمال القتل الجماعي والتفجير والتفخيخ، ولا ننسى جهود القيادة وممثليها، في تحصين أفراد المجتمع اليمني، ضد اختراقات الحرب الناعمة، ومحاولات الاستقطاب والتخابر، والوقوع في فخ المنظمات اليهودية، المقنعة بالأعمال الإغاثية والإنسانية، وغير ذلك من مظاهر البناء المجتمعي الداخلي، التي أسهمت في تكوين قاعدة بنيوية مجتمعية عامة راسخة، ارتكزت عليها عمليات البناء الشامل، والنهضة التنموية، والتغييرات الجذرية، التي أسفرت عن تشكيل حكومة التغيير والبناء، وكانت التغييرات القضائية، أولى بشارات نضجها وفاعليتها، لتختم هذه الحكومة المؤمنة الصادقة، مسيرتها بالتضحية والشهادة في سبيل الله، حيث استشهد رئيسها المجاهد أحمد غالب الرهوي، وقلة من الوزراء في حكومته، وهذا منتهى العطاء والصدق.
حافظت ثورة ال 21 من سبتمبر، على إنجازاتها ومكتسباتها، وانتقلت من المستوى المحلي، إلى المستوى الإقليمي ثم العالمي، وحقّقت الحضور السياسي والعسكري الرائد والفاعل، في المشهد السياسي الإقليمي، ومعادلة الصراع العالمي، من خلال ثباتها على نهجها الإيماني الأصيل، وهُــوِيَّة شعبها الإيمانية المتفردة، ودوره الإنساني الحضاري، من خلال تبني قضايا الأُمَّــة الإسلامية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم، ونصرته في قضيته وقضية كُـلّ المسلمين العادلة، وما فرضته عمليات القوات المسلحة اليمنية، من معادلات السيطرة والسيادة، ومنع السفن التجارية الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، وكل الشركات المتعاملة معهم، من المرور من البحر الأحمر والبحر العربي، وتنفيذ عمليات صاروخية على الموانئ، التي يسيطر عليها الكيان الغاصب، في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، من ميناء أم الرشراش إلى الموانئ الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، وإسقاط أُسطورة أسياد البحار، حَيثُ فرت حاملات الطائرات والأساطيل والبارجات والسفن الحربية، أمام ضربات صواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية، كما سقطت أُسطورة التفوق الجوي، بإسقاط عدد من الطائرات التجسسية المقاتلة، متعددة المهام، نوع MQ9، التي تعد فخر الصناعة الجوية الأمريكية.
هكذا أصبحت عمليات الجيش اليمني، المساندة لغزة، في قلب المشهد ومركز الحدث العالمي، ومحل اهتمام ودراسة وتحليل، كبريات مراكز ومؤسّسات صناعة القرار في العالم، التي عجزت تأويلاتها المادية، وتفسيراتها النفعية البراجماتية، عن فهم واستيعاب حقيقة الموقف الإيماني والإنساني، الذي خطه هذا الشعب العظيم، في ظل ثورته الشعبيّة الخالصة، تحت قيادة هذا القائد القرآني الكريم، الذي جسد عظمة المشروع القرآني الحضاري، وأرسى دعائمه ومرتكزاته، لينقل الشعب اليمني من هوامش الإقصاء والإلغاء، إلى مصاف الريادة العالمية والارتقاء الحضاري.
Comments are closed.