محمد اللوزي: الحزبية في اليمن.. من مشروع وطني إلى عبء تاريخي

لم تقدم الاحزاب في اليمن ولن تقدم شيئا يذكر، سوى أنها تكتلات أقرب الى القبلية والمناطقية، منها الى مجتمع مدني حديث.

لذلك دواما سعت الى مكاسب انتهازية لقياداتها تحت شعار الديمقراطية التي تلوثها وتعتقلها في جماعات وشخصيات محددة هي وحدها من له حق المشاركة في السلطة والثروة.

لقد استفاد قادة مايسمى أحزاب كثيرا من الأموال، وتبوأوا مناصب متقدمة كشراكة مع النظام لم يقدموا للوطن شيئا، وفي أحسن الاحوال تقدما، كانوا يحققون بشكل متواضع مكاسب للمنضوين في أحزابهم من الاعضاء.

لقد نكبت اليمن بهم ودخلت في تكتلات وعصابات جرت على اليمن ويلات كثيرة، ومازالت تعيش مآسي العمالة والخيانة والارتزاق والتخابر مع جهات أجنبية باسم الحزبية، لتحلل لنفسها كل الشبهات وكل ماكان ذات يوم خيانة عظمى.

وحدها الأخزاب أنشأها النظام ليبقى في الحكم ويستمر في الفساد ومعه معارضة هم أقرب الى شهود الزور، لانراهم الا أثناء الانتخابات، يتصدق عليهم النظام ببضع كراسي ليستمر العبث، وتقدم المعارضة نفسها على استحياء كقوى ديمقراطية، وهي التي تكرس الاستبداد وتجعل من النظام فسادا فتصمت عند رشوتها، وتنعق حين تفقد بعض مصالحها.

الحزبية لم تكن في يوم من الأيام تعبيرا عن تطلعات الجماهير او معبرا صادقا عن نبضها، لانها لم تكن تقوم على التنوع الجغرافي اولا، وثانيا لأنها لم تمارس الديمقراطية من داخلها، وثالثا لأنها قائمة على المصالح الذاتية.

هذه الاحزاب عطلت التنمية وأفرغت الوطنية من قيمتها المعنوية، وخلفت إرثا من التخلف المتمثل في التكتلات الضيقة.

ولانبالغ إن قلنا أن القبلية احسن قليلا من الاحزاب لكونها تستحضر قيما وتحكمها أعرافا، بينما الحزبية لاقيم تحكمها، ولا نظام وقانون، ولاتعايش مجتمعي.

أحزاب مناطقية متسلطة قامعة مدجنة على الرشوة والمصالح الذاتية وعلى الارتزاق والعمالة.

هكذا لعبت الحزبية في اليمن دورا رجعيا مقيتا، وتناغمت مع النظام في استهداف المجتمع وتعطيل العقليات المنتجة، وتحييد عشرات الملايين من المستقلين لتمتص دماؤهم أحزاب كرتونية، وعصابات مناطقية عرقلت نمو المجتمع وتنميته وعملت على تحقيق مكاسب ذاتية .

لقد انتجت التشاحن والبغضاء، ولعبت على اقصاء من لم يكن خادما مطيعا لها، ولعبت دورا سيئا في تعزيز النظام وتمكينه من الفساد، وشاركته كل حسب ثقله ووزنه.

إن الديمقراطية التي تنادي بها الاحزاب ليست سوى صورة من صور التلاعب بالنظام والقانون والاحتيال على المجتمع، وتمثيله في تكتلات مناطقية.

والواقع أن اليمن قد نكبت بهذه الاحزاب التي قدمت نفسها وصية على شعب بأسره وبقيت ذات القيادات هي نفسها لاتبديل ولاتجديد، في الوقت الذي تتحدث عن التداول السلمي للسلطة.، ولم تتداول سلطتها فيما بينها، فكيف يمكن أن يركن عليها الوطن.

هذا احتيال لايقل عن ارتكاب جريمة فساد كبرى في حق الدولة اليمنية.

وفي كل الاحوال اليمن تحتاج الى دستور ونظام وقانون ونيابات ومحاكم عادلة ومساءلة لكل فاسد، بدلا من أحزاب مناطقية انتهازية تساوم على وطن، وتتموغد على شعب، وتتنكر للقيم ، وتدعي شرف الانتماء الى الدولة المدنية الحديثة وهي في قلب القروية والجهوية والعصابات الشريرة.

ومن ينظر الى برامج الاحزاب الانتخابية يجد أنها لم تتعايش او تعمل مع بند واحد من برامجها، ولم تستحضر مرة واحدة ادلوجتها، ولم تكن الا أفاكة كذابة، تعين الخارج المستعمر على الداخل، وتجتمع مع السفارات، وتتلقى توجيهاتها منها، وتمارس القمع بطريقة احتيالية وواجهة ديمقراطية.

وما احوجنا إذا في اليمن الى محاكمة قادة الاحزاب، وتفعيل النظام والقانون، واستحضار الدستور، ورفض الحزبية المتورطة في الخيانة والعمالة، او في مداهنة النظام والقبول برشاويه لتكون شهد زور على تورطه في التخابر مع الاجنبي ضد الوطن ومصالحه العليا.

وللحديث بقية…

Comments are closed.

اهم الاخبار