سالم عوض العولقي: “وجع غزة… حين يصبح الجوع سلاح إبادة”

 

إن الوقوف أمام مشاهد الموت والجوع والحصار في غزة لم يعد مجرد لحظة تأمل عابرة، بل هو صدمة حضارية وأخلاقية تهزّ ضمير كل من بقي لديه بقايا إنسانية. نحن أمام كارثة إنسانية مكتملة الأركان، تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، بينما تتساقط الأجساد النحيلة من الأطفال والنساء على أرصفة الانتظار، انتظار الماء، انتظار الدواء، انتظار الخبز… انتظار الحياة.

هذه المشاهد الكارثية لا تحتمل التبرير، ولا الأعذار، ولا البيانات الباردة. إنها تستدعي مواقف أخلاقية حقيقية، مواقف تخرج من دائرة الشعارات إلى حيز الفعل، وتنتقل من ردهات المؤتمرات إلى ميادين الفعل المباشر.

إن على الأنظمة العربية وشعوبها، أن تتجاوز حالة العجز والجمود والتبعية، وأن تنهض بمسؤولياتها تجاه ما يحدث في غزة، لا باعتبارها مأساة فلسطينية فقط، بل كقضية عربية وإنسانية جامعة. إن استمرار هذا الحصار وترك غزة تواجه مصيرها منفردة، ليس عاراً فقط، بل خيانة موصوفة لأبسط مبادئ الإنسانية.

يجب على القوى العربية التي ما زالت تحتفظ بشيء من التأثير، أن تتحرك سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً واقتصادياً، لتعرية هذا الكيان أمام العالم، وللضغط بكل الوسائل الممكنة من أجل كسر الحصار. كما أن الشعوب مطالبة بإعادة إحياء أدوات الضغط الشعبي والتضامن الفعّال، وإرسال رسالة أن غزة ليست وحدها، وأن هناك من لا يزال يؤمن أن القضية الفلسطينية هي جوهر كرامة هذه الأمة.

إن ما نراه اليوم ليس مجرد جوع بل إعدام بطيء لأمة بأكملها، ومحاولة خبيثة لتركيع إرادة شعب لم يُهزم رغم السلاح والدمار والتجويع. وإن الصمت العربي والدولي لن يكون مجرد تقصير، بل شراكة مباشرة في هذه الجريمة الممتدة منذ عقود.

 

Comments are closed.

اهم الاخبار