مرتزقة أمريكيُّون يقاتلون في غزَّة.. من يقف وراء تمويلهم؟
وكالات:
كشف تحقيق استقصائي لموقع ذي إنترسبت عن تورط منظمات أمريكية غير ربحية في تمويل متطوعين أمريكيين للالتحاق بصفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي والمشاركة في العدوان المستمر على قطاع غزة، والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني، نصفهم تقريبًا من الأطفال، وفق إحصائيات وزارة الصحة في غزة.
وبحسب التحقيق، فإن ملايين الدولارات تم تحويلها لدعم “برنامج الجندي الوحيد”، وهو مسمى يُطلق على الأجانب الذين ينضمون إلى جيش الاحتلال دون أن يكونوا من المقيمين أو المستوطنين.
وشارك عدد من هؤلاء المتطوعين في فعاليات دعائية داخل الولايات المتحدة، من بينها حفل في مدينة بوكا راتون بولاية فلوريدا بحضور الناشط المؤيد للاحتلال بن شابيرو، إضافة إلى لقاءات مع أعضاء في الكونغرس، مثل الجمهوريين برايان ماست ومايك لولر، وزيارة إلى عمدة نيويورك إريك آدامز في مقر إقامته الرسمي.
كما شارك الجنود في تجمع مؤيد للحرب في مانهاتن أواخر العام الماضي، في وقت كانت فيه الحرب على غزة في أوجّها.
دور منظمة “نيفوت” ومنظمات أخرى
وذكر التقرير أن منظمة “نيفوت” ومقرها نيويورك تُعدّ من أبرز الجهات الداعمة لـ”الجنود الوحيدين”، حيث تنشط في 22 ولاية أمريكية وتقدّم خدمات شاملة تشمل السكن، والعلاج الطبي والنفسي، والأنشطة الترفيهية، والتجهيزات القتالية. وتنشط “نيفوت” في 22 ولاية أمريكية، وتعد واحدة من نحو 20 منظمة تقدم دعما مباشرا لبرامج “الجندي الوحيد”.
ووفق مراجعة أجراها الموقع لسجلاتها الضريبية، أنفقت هذه المنظمات منذ عام 2020 أكثر من 26 مليون دولار لدعم المتطوعين في جيش الاحتلال، بدءا من مرحلة التجنيد، وحتى التأهيل وإعادة الإدماج، وتشمل المساعدات تقديم سكن مدعوم، وعلاجات طبية ونفسية، وخدمات ترفيهية، ومعدات للوحدات القتالية. ويظهر التحقيق أن عام 2023 كان الأكثر ربحية لبرامج دعم “الجنود المنفردين”، حيث تدفق التمويل الأمريكي بعد بدء الاحتلال استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط في أعقاب عملية طوفان الأقصى.
وبين عامي 2002 و2020، خدم سنويا ما بين 3,000 و4,000 “جندي وحيد” في جيش الاحتلال، وكان ثلثهم تقريبا من أمريكا الشمالية. أما بعد 7 أكتوبر 2023، فتشير التقديرات إلى أن أكثر من 7,000 أمريكي انضموا إلى جيش الاحتلال أو عادوا للخدمة فيه، في وقت يواجه فيه الاحتلال أزمة تجنيد غير مسبوقة، مع رفض قرابة 100,000 جندي إسرائيلي الالتحاق بخدمة الاحتياط، واستمرار حكومة بنيامين نتنياهو في الإبادة حتى دخولها عامها الثاني.
وبحسب تقديرات جيش الاحتلال، فإن ما لا يقل عن 23 ألف مواطن أمريكي يخدمون حاليا، سواء ضمن الجنود المنفردين أو كأفراد من عائلات هاجرت إلى دولة الاحتلال.
وتعمل منظمات مثل “نيفوت” على الترويج لخدمة الجنود الوحيدين في غزة عبر منصات التواصل الاجتماعي، من خلال صور ومقاطع فيديو وشهادات، بما في ذلك الترويج لفعاليات مثل “يوم في ميدان الرماية”، حيث ظهر أحد الجنود قائلا: “جميع من هنا يخدمون في جيش الدفاع الإسرائيلي، والأغلبية تشارك في حرب غزة”. كما نشرت المنظمة مواد تنصح المتابعين بما يجب عدم سؤاله للجندي المنفرد، مثل: “هل قتلت أحدا؟” و”هل كنت في غزة أم لبنان؟” و”هل أنت نادم على المشاركة؟”، محذّرة من أن هذه الأسئلة قد تعد مسيئة أو عاطفية أو سياسية.
رغم أن القانون الفدرالي الأمريكي يمنع التجنيد داخل الأراضي الأمريكية لصالح جيوش أجنبية، إلا أنه لا يجرم جمع التبرعات أو الترويج لخدمة الأجانب في تلك الجيوش.
وقال البروفيسور ديفيد ماليت، المختص في شؤون الأمن والعدالة، إن “وزارة الخارجية لا ترغب في مشاركة الأمريكيين في حروب أجنبية، لكنها غير قادرة فعليًا على منع ذلك.”
كما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية في ردّها للموقع أن المواطنين الأمريكيين لا يُطلب منهم تسجيل خدمتهم في الجيش الإسرائيلي، لكنها شدّدت على ضرورة الالتزام بالقوانين الثنائية لمن يحملون الجنسية المزدوجة.
يأتي هذا التحقيق في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لشحنات السلاح الأمريكية إلى الاحتلال، بينما لا تزال قضية مشاركة المدنيين الأمريكيين بشكل مباشر في العدوان على غزة تمرّ دون مساءلة تُذكر من قبل الكونغرس أو الهيئات الدولية.
Comments are closed.