القمع والاعتقال والتعذيب.. وجه ” الانتقالي” الآخــــــــــــــــــــر

الوحدة:

وجه آخر لما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيا، ظهر في الشارع بوضوح خلال المظاهرات الاحتجاجية، كالقمع بالضرب والملاحقة للمتظاهرين والمحتجات في الشوارع، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والخدمية وانقطاع الكهرباء وانعدام الغاز المنزلي، ما أدى إلى تزايد الأصوات الرافضة لهذا الكيان القمعي، من داخل صفوفه ومن خارجها، على خلفية الانتهاكات والتجاوزات التي تمارسها قياداته، بحق الحريات المدنية السلمية للمواطنين، إضافة إلى تصاعد حوادث الاعتقال والتعذيب لناشطين وصحفيين.

وشكّلت وفاة الناشط السياسي أنيس الجردمي تحت التعذيب في أحد سجون عدن، ثم وفاة سمير قحطان لاحقًا، صدمة قوية للرأي العام، وأعادت تسليط الضوء على سلوكيات الأجهزة الأمنية التابعة لما يسمى المجلس الانتقالي الموالي للامارات، واعتبر ناشطون وحقوقيون هذه الحوادث دليلاً إضافيًا على سوء الإدارة وتعمّد القمع بدلاً من معالجة الأزمات.

 انحدار خطير

وفي هذا السياق، وجّه هاني البيض، نجل الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض، انتقادات لاذعة مباشرة للمجلس الانتقالي، واصفا ما يحدث في سجون عدن بـ”الانحدار الخطير” .

جرائم متكررة

بدورها، تناولت المحامية هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، على موقعها في منصة “اكس” عن الجرائم المتكررة التي تُرتكب دون محاسبة، وعن تهاون السلطات القضائية في محاسبة المنتهكين، وقالت إن تعميمًا صدر مؤخرًا يقضي بمنع احتجاز أي شخص لأكثر من 24 ساعة دون تحويله إلى الجهات القضائية، لكنها شككت في تطبيقه.

حقوقيون: حظر تظاهرات عدن يعصف بالحقوق الأساسية وسط أزمات اقتصادية خانقة

انفجار شعبي متصاعد

ومنذ قرابة شهر تشهد عدة مدن في المحافظات الجنوبية منها عدن وأبين ولحج مظاهرات شعبية ونسوية تنديدا بتردي الأوضاع المعيشية وانطفاء الكهرباء وانهيار العملة، لكن تلك المظاهرات قوبلت بقمع شديد من قبل مليشيا الانتقالي، كما أصدرت الأخيرة تعميمات بمنع أي احتجاجات، إلا بتصريح رسمي مسبّق.

وبرز ضمن هذا الحراك مايسمى “بثورة النساء” التي قادتها آلاف النساء في مدينة عدن، للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والرواتب.

وفي وقت سابق، أدانت تنسيقية القوى المدنية والحقوقية بأشد العبارات قمع مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، للتظاهرة النسائية السلمية في عدن التي خرجت للمطالبة بأبسط الحقوق المعيشية والخدماتية المتدهورة.

واعتبرت التنسيقية في بيان لها، استهداف النساء في حقهن المشروع في التظاهر والتعبير، واستخدام العنف والترهيب ضدهن، بأنها “جريمة أخلاقية وقانونية مدانة، وتكشف عن إفلاس سياسي وأمني لدى سلطات الأمر الواقع في عدن، التي أثبتت فشلها الذريع في إدارة شؤون المواطنين، واختارت مواجهة الأصوات الحرة بالقمع بدلاً من الاستماع لها”.

وقال البيان، إن “ما جرى وصمة عار جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات المتزايدة في عدن، والتي لم يسلم منها رجال ولا نساء، شباب ولا كبار، وكل ذلك يجري في ظل صمت مخزٍ من حكومةٍ تدّعي الشرعية، وسلطة أمر واقع تتغذى على القمع والإقصاء”.

وأكدت تنسيقية القوى المدنية والحقوقية، على رفضها بشكل قاطع، المساس بحق التظاهر السلمي، معتبرة أن أي اعتداء على المتظاهرات هو اعتداء على المجتمع بأسره.

ودعا البيان، كل القوى المدنية والحقوقية والمجتمعية إلى الاصطفاف لرفض هذا النهج القمعي، والتعبير عن التضامن مع حرائر عدن.

“الأورومتوسطي”: استخدام العنف لتفريق تظاهرات نساء عدن يشكّل انتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير

دعوات للتحقيق والمساءلة

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، قد أعرب عن بالغ قلقه إزاء القمع العنيف الذي مارسته قوات الأمن التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، ضد تظاهرة نسوية سلمية خرجت في عدن للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية.

وأكد المرصد، في بيانٍ نشره على موقعه الإلكتروني، في مايو الفائت، أنّ استخدام العنف لتفريق التظاهرات يشكّل انتهاكًا صارخًا للحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، ويعكس نهجًا أمنيًا قمعيًا يستدعي وقفًا فوريًا ومحاسبة المسؤولين عنه، وضمان تمكين المواطنين والمواطنات من ممارسة حقوقهم دون خوف أو ترهيب.

وطالب المرصد الأورومتوسطي، ما يسمى بـ”حكومة الشرعية” والمجلس الانتقالي الجنوبي بفتح تحقيق عاجل، مستقل وشفاف في الاعتداءات، ومحاسبة المسؤولين عنها إداريًا وجنائيًا، وتعويض الضحايا، وضمان عدم تكرارها.

كما دعا إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات، وتمكين المنظمات الحقوقية من زيارة مراكز الاحتجاز، والتحقق من أوضاع المحتجزين، ووقف أي ممارسات انتقامية ضد الناشطين.

وسبق، إن اعتدت عناصر أمنية نسائية تابعة للمجلس الانتقالي بعنف بالغ على المتظاهرات في 24 مايو بعدن، إذ مُنعن بالقوة من الوصول إلى ساحة العروض، وتعرضن للضرب والملاحقة في الشوارع.

 انتقادات لاذعة

“صحيفة الوحدة” رصدت عددًا من الكتابات التي نشرها ناشطون سياسيون وإعلاميون على منصة اكس، وعكست حالة السخط الشعبي المتزايد تجاه أداء حكومتهم والمجلس الانتقالي، وفشلهم في معالجة الأزمات المتفاقمة.

الناشط عبدالقادر أبو الليم يقول “قبل حوالي شهر ونصف وبعد تظاهرات نساء عدن بسبب انعدام الكهرباء، خرج رشاد العليمي وقال في تغريدة (صوتكن وصل وامهلوني بعض الوقت)، وبدلاً من أن تتحسن الخدمة ازدادت ساعات الانطفاء، لتصل إلى 10 ساعات مقابل ساعتين تشغيل فقط.”

أما الأكاديمي ياسر اليافعي فقد كتب على موقعه “اليوم خرجت نساء عدن في مشهد يهز الوجدان، رفضًا للذل والمعاناة، في ظل انهيار الخدمات وانقطاع الكهرباء وتراجع التعليم وغياب الأمن. عدن لم تصل إلى هذا الحد من البؤس إلا في هذه المرحلة.”

في حين علق أنيس منصور على التطورات بالقول “لا انتقالي بعد اليوم ولا شرعية بعد اليوم… أي بلد تدخله الإمارات تدمره، وهذه أضخم تظاهرة نسائية ضد تردي الأوضاع في عدن التي تتحكم بها مليشيات أبوظبي.”

واشار الناشط السياسي عادل الحسني إلى نتائج ما وصفه بغياب الإدارة، وقال “ما قدم لمحافظة عدن منذ سيطرة الانتقالي، هو بناء 16 معتقلاً غير قانوني، وانهيار الخدمات، وتعطيل الميناء، وانقطاع الكهرباء لـ20 ساعة يومياً، مع ارتفاع أسعار الوقود وتوسع رقعة الفقر.”

كما كتب الناشط سعيد الميسري على موقع “أنا كمواطن ، لا الانتقالي يمثلني، ولا الشرعية تمثلني، وستجدون هذه الإجابة عند كل جنوبي حر”.

انهيار مخيف

الغضب الشعبي ضد تردي الخدمات يتزامن مع تدهور تاريخي في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، في هذه المحافظات، حيث سجل الريال اليمني خلال الأيام الماضية أدنى مستوى له منذ سنوات، متجاوزًا حاجز ٢٧١٢ ريالًا للدولار الواحد، و715 ريال امام الريال السعودي، وهو ما يهدد بموجة تضخم جديدة تمس القدرة الشرائية للمواطنين بشكل مباشر.

الدولار يتجاوز 3000 ريال للمرة الأولى وسط غضب شعبي متصاعد

وفيما تواجه الخدمات الأساسية في المحافظات المحتلة تواجه ترديا حادا، إذ تعاني محافظة عدن ومدن جنوبية أخرى من انقطاع الكهرباء لفترات تتجاوز ١٧ ساعة يوميًا وهو ما يضاعف من معاناة السكان في ظل ارتفع درحة الحرارة..

وتشهد المحافظات المحتلة أزمة غاز منزلي منذ أشهر حيث اضطر كثير منهم للجوء إلى وسائل بديلة مثل الحطب أو الكيروسين، مع ما تحمله من مخاطر صحية وبيئية وذلك بعد ان تجاوز سعر الأسطوانة في السوق السوداء حاجز ٢٠ ألف ريال يمني.

جرعة سعرية جديدة

القيادي الجنوبي ومحافظ محافظة عدن طارق سلام، وفي سلسلة من التصريحات والتغريدات عبر موقعه في منصة إكس، أشار إلى أن “أسعار الأدوية الأساسية ايضا شهدت ارتفاعا تجاوز 100%، ما جعل العلاج في متناول الأغنياء فقط، في حين يواجه الفقراء خطر الموت بسبب أبسط الأمراض”.

وأكد سلام أن “حكومة المرتزقة عمدت إلى فرض زيادات سعرية جديدة، حيث ارتفع سعر لتر البنزين المستورد إلى 1795 ريالًا، أي ما يعادل 35,900 ريال للجالون سعة 20 لترا، بينما صعد سعر لتر الديزل إلى 1700 ريال، بواقع 34,000 ريال للجالون.

تحذيرات دولية

وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها المحافظات الجنوبية،  حذر البنك الدولي في تقرير حديث صادر عنه من تزايد المخاطر على الاقتصاد اليمني خصوصا في المحافظات الجنوبية.

وذكر التقرير أن “التضخم تجاوز في المناطق التي تسيطر عليها حكومة عدن بها نسبة 30% في عام 2024″، مشيرًا إلى أن الريال اليمني بدوره “شهد انخفاضًا ملحوظًا في قيمته مقابل الدولار الأمريكي، حيث تراجع من 1,540 ريال إلى 2,065 ريال على مدار العام، وهو ما أدى إلى مزيد من تآكل القوة الشرائية للأسر في اليمن”.

انهيار كارثي

من جهتها، اكدت نقابة الصرافين الجنوبيين فشل حكومة عدن وبنك عدن المركزي في إدارة الاقتصاد، حيث لم يظهر أي دور فعال في السيطرة على السوق المصرفي بينما يعاني الاقتصاد من انهيار كارثي ومستمر دون أي تحسن يُذكر، مضيفة أن المسؤولية المباشرة عن هذا الوضع تقع على الحكومة والبنك المركزي.

Comments are closed.

اهم الاخبار