عبدالله علي صبري:حـرب صهيـونية أخــرى بإدارة أمريكــية

 

  • باشر الكيان الصهيوني عدوانه وحربه الشاملة على الجمهورية الإسلامية قي 12 يونيو الجاري، فيما كانت أنظار العالم تتجه إلى طاولة المفاوضات النووية وما قد يسفر عنها.

عرفت إيران أن أمريكا مارست خداعا استراتيجيا، حين كانت الإشارات تأتي من واشنطن بأن الرئيس ترامب يرفض التدخل العسكري الإسرائيلي، بينما حدث العكس، وكاد الهجوم المباغت – والذي كان يفترض ألا يكون كذلك بالنظر إلى معرفة إيران بطبيعة العدو الصهيوني- أن يحقق ضربة قاضية في الساعات الأولى من الحرب العدوانية، التي استهدفت كبار قادة الجيش الإيراني، وقواعد الدفاع الجوي، ومنصات إطلاق الصواريخ، بالإضافة إلى استهداف المنشآت النووية واغتيال عدد من العلماء والخبراء في المجال النووي.

غير إن إيران سرعان ما استوعبت الصدمة، وانخرطت في حرب ردعية مع الكيان الصهيوني، الذي تلقى هجمات نوعية وتدميرية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ أكثر من سبعين عاما.

وخلال بضعة أيام لم تتردد إسرائيل في الاستغاثة بأمريكا والرئيس ترامب، الذي لم يتأخر بدوره في إنقاذ الكيان من حرب بدأها، لكنه لا يعرف كيف ينهيها. وفي اليوم العاشر لهذه الحرب العدوانية، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها وجهت ضربات لعدة منشآت نووية إيرانية، وزعمت أنها نجحت في تعطيل البرنامج النووي الإيراني بنسبة كبيرة.

وبرغم أن الحرب والمواجهات ما تزال قائمة، بل وتنذر بتصعيد أكبر قادم الأيام، إلا أن المجرم نتنياهو ظهر بعد العملية العسكرية الأمريكية منتشيا بالنصر، ومحذرا إيران من عواقب الاستمرار في الحرب.

هذه المشهدية أعادت للأذهان، تجارب الحروب التي خاضتها إسرائيل بدعم أمريكي، فحرب يونيو 1967 ضد مصر وعدد من الدول العربية، جاءت في مناخ مشابه للحرب على إيران، حينها مارست أمريكا والغرب بل والاتحاد السوفياتي نفس الخداع السياسي والإعلامي، حتى اقتنع الرئيس المصري عبد الناصر أن يترك الضربة الأولى للعدو الصهيوني، حتى لا تتحمل مصر مسؤولية العدوان والبدء في الحرب، وكانت هزيمة مؤلمة ونكسة قاسية، لا تزال أمتنا العربية تعاني من آثارها الجيوسياسية حتى اليوم.

كذلك الأمر بالنسبة لحرب أكتوبر 73، والتي كان النصر فيها من نصيب الجيش المصري، إذ سرعان ما تدخلت أمريكا من خلال جسر جوي يدعم الكيان الصهيوني بالسلاح والعتاد، ثم من خلال توظيف الدبلوماسية الأمريكية والغربية لإنهاء الحرب، وتخفيف مفاعيلها على إسرائيل، وصولا إلى اتفاقات كامب ديفيد 1979، التي فرضت سلاما واعترافا مصريا بدولة إسرائيل، وخروج مصر العربية من معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني.

وفي هذه الحرب الجارية تدل كل المؤشرات أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بهزيمة إسرائيل، وأنها وقد انخرطت في الحرب ماضية في الضغط على إيران حتى تنصاع الأخيرة وتعود لطاولة المفاوضات، وتقبل بالشروط والإملاءات الأمريكية.

ولا شك أن فرصة المخطط الأمريكي والصهيوني بشأن ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، باتت أقرب من أي وقت مضى. وفي حال تراجعت إيران_ لا سمح الله_ وهي آخر قلاع النظام الإقليمي المقاوم، سيدرك العرب أي خسارة حلت بهم، وقد أصبحت المنطقة منكشفة تماما أمام إسرائيل، وتحت هيمنتها وقيادتها.

لقد أدارت الأنظمة العربية الرسمية الظهر لجرائم الإبادة الشعبية المتواصلة في غزة لأكثر من 20 شهرا، وتماهت مع الأمريكي والإسرائيلي بشأن تصفية محور المقاومة، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتجاهل الحكام العرب أن المقاومة وحدها من يمكنها وضع حد لإسرائيل، التي لن ترعوي عن استباحة كل المنطقة، ولن تستثني حتى الدول التي دخلت حظيرة التطبيع.

 

Comments are closed.

اهم الاخبار