عبد الله سلام الحكيمي:شرقهم الإمبريالي وشرقنا الإسلامي: صراع إرادات ..ما أفقه؟
صحيح أن مشروع الشرق الأوسط الإمبريالي الصهيوني، يبدو أنه يهرول جامحا نحو الإعداد والتحضير للإعلان عنه واقعا جيوسياسيا جديدا بإعادة رسم وتغيير وتقسيم وهندسة خرائط المنطقة الإقليمية التي يسمونها الشرق الأوسط الكبير، لكن ما يعتمل متفاعلا تحت سطح المشهد المرئي ،لا ينبئ عن يقين بأن الجو الإقليمي والدولي بات خاليا أمامه لفرض نفسه وتسيد إرادته عليهما، بل إن نفاذ الرؤية إلى عمق ما يعتمل تحت السطح ترينا حراكا محموما يغطي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية، في مجمله يتجه إلى وضع كوابح ومعوقات أمامه بما يفضي إلى تعثر مساره وإرباك وتشتيت خططه وأعماله، وإثارة عوامل الانقسام والتعارض بين قواه وتحالفاته.
هنا بالتحديد يبرز أمامنا سؤال جوهري كبير عن مشروعنا الإسلامي الكبير، المفترض كموازن استراتيجي للمشروع الإمبريالي الصهيوني الشرق الأوسطي؟ وهل هناك ما يرسم في الأفق مؤشرات صحوة هذا الشرق الإسلامي الكبير من سباته العميق ليؤسس لنفسه مكانا تحت شمس العالم المتوهجة ،ومكانة بين قواه المتدافعة نحو السيطرة الكلية على العالم بأسره؟
دعونا نقول أن هناك مؤشرات وعلامات تسجلها مواقف وتحركات، هنا وهناك، قد لا ترقى الى مستوى التحدي التأريخي، لكنها تسير بشيء من الوعي نحوه، وإن ببطء وتخوف من عواقب يرونها لا قبل لهم بتبعاتها.
ولاشك، وفقا لقوانين ومسارات تشكيل القوى العالمية عبر التاريخ، فإن خطوة الأساس التي لا بد من توفرها ابتداء ليؤسس عليها صرح وبنيان تلك القوى أو قل التكتلات ذات الطابع الإقليمي والعالمي، وبإسقاط هذه الرؤية على شرقنا الإسلامي الكبير المؤمل إنشاؤه كفعل ضرورة وجودية تحتمها حجم التحدي التاريخي المصيري المحيط به من كل جهاته، فإننا نتخيل بالنظر إلى ما نلمسه من سيادة الرؤية الواقعية، التي أفرزتها المسارات التصالحية الأخيرة، إمكانية متاحة، أكثر من أي وقت مضى، لتجميع ولقاء واجتماع أطراف النواة المؤسسة لهذا الشرق المنشود، من شرق الشرق كإندونيسيا وماليزيا وباكستان وإيران وأفغانستان والعراق، ومن الشمال تركيا، ومن الجنوب السعودية وأخواتها الخليجيات، وإلى الغرب في مصر والجزائر ونيجيريا، ومن يرون إضافتهم إلى إرساء نواة الشرق الإسلامي الكبير وتشييد بنيانه على قيم الواقعية والمسؤولية المصلحة العليا ،وفقا لاستراتيجية محددة واضحة الأهداف المشتركة، ووسائل تحقيقها في عالم تضطرم نيران صراعاته ومطامعه وعدوانيته، وتتلاطم موجات متغيراته وتموضعاته بوتائر متسارعة لا تنتظر احدا او تمنحه لحظة التقاط انفاسه، فهل يستطع قادة هذا الشرق الاسلامي الكبير أن يدخلوا التاريخ بهذه العمل الاستراتيجي الكبير الذي يحفظ لهم كراماتهم وسياداتهم على اوطانهم ومصالحهم وحرياتهم، لا شك أنهم قادرون إذا توفرت لهم أولا الإرادة والعزيمة، ثم يكفون نهائيا عن التآمرات والصراعات السخيفة بعضهم ضد بعض فيوحدوا صفوفهم وإمكاناتهم على أرضية المتفق الجمعي عليه وهو كثير جدا.
Comments are closed.