سياسيون: العدوان الإسرائيلي على إيران حرب شاملة لفرض الاستسلام

نجيب علي العصار

أكد سياسيون أن حقيقة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي تتعدى الجغرافيا والسلاح، فهي أعمق وصراع وجود وهُوية.

ويقول السياسيون في أحاديث مع “الوحدة”، أن العدوان الصهيوني على إيران مرتبط بضمان هيمنة وتفوق إسرائيل على المنطقة سواء من خلال إعادة تشكيل ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، أو من خلال توسع الكيان جغرافيا ضمن المخطط الأكبر “إسرائيل الكبرى”.

ودعوا أحرار الأمة في هذا المنعطف التاريخي، إلى عدم الانخداع بالشعارات التي تروّج لـ”الحياد “أو “النأي بالنفس”، فالصمت أمام العدوان، هو انحياز للظالم، وخذلان للمظلوم.

وكانت إسرائيل قد شنت عدوانا واسع النطاق على إيران، يوم الجمعة 13 يونيو الجاري، استهدفت فيه منشآت نوويةً ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين وبنى تحتية، أعقبه رد صاروخي عنيف من إيران.

توازن الردع

الدبلوماسي والسفير في وزارة الخارجية، عبد الله علي صبري، يقول في حديثه لـ”الوحدة”، أن العدوان الصهيوني على إيران مرتبط بضمان هيمنة وتفوق إسرائيل على المنطقة سواء من خلال إعادة تشكيل ما يسمى بالشرق الأوسط أو غرب آسيا، أو من خلال توسع الكيان جغرافيا ضمن المخطط الأكبر / إسرائيل الكبرى.

ويضيف:” الرؤية الأميركية والإسرائيلية لتحقيق هذه الأهداف لن تسمح لأية دولة أو قوة أخرى بامتلاك القدرات العسكرية والاقتصادية التي قد تشكل توازن ردع مع العدو الصهيوني، ما بالك أن تمتلك دولة عربية أو إسلامية في محيط هذا الكيان الغاصب سلاحا نوويا”.

صبري: لا مناص لإيران من امتلاك “الردع النووي” لمواجهة تكالب قوى الشر

ويشير السفير صبري، إلى أن العدوان على إيران اليوم له أسباب أخرى مضافة أهمها الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة المناهضة للاحتلال، ورفض طهران أية تنازلات بهذا الخصوص.

كما يرى أن من أهداف العدوان أيضا محاولة تغيير النظام الحاكم في إيران بعد اغراء نجاح هذا السيناريو في سوريا مؤخرا، وبعد أن اتضح لإسرائيل أن الأنظمة العربية العميلة المدجنة تشكل خط الدفاع الأول عن أمن إسرائيل للأسف.

سيناريو محتمل!

وبشأن الاستراتيجيات التي يمكن أن تتحرّك بها إيران لردع العدوان الإسرائيلي ومن وراءها أمريكا، قال السفير صبري، أن إيران أحسنت صنعا حينما باشرت بالرد على العدوان بمثله، ولفت إلى أن هذه أول خطوة استراتيجية للحد من الأحلام المريضة لمجرمي الحرب الصهاينة، وأن على إيران المضي في هذه الحرب المفتوحة حتى تستعيد توازن الردع والرعب وتفرض معادلة اشتباك جديدة فيما يتعلق بالصراع مع العدو الصهيوني.

كما يردف، بأن الحرب قد لا تتوقف عند حدود إيران، بل لعلها تشمل محور المقاومة، إذ تمنحه فرصة سريعة للتعافي والفاعلية من جديد، ما يعني دعم المقاومة الفلسطينية وتحسين شروط التفاوض على إيقاف العدوان على غزة في المدى المنظور.

ويؤكد صبري، أن إيران لن تفرط في حقها المشروع بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وقد تنخرط مجددا في التفاوض مع أمريكا تحت هذا السقف، لكن بشرط الحصول على امتيازات أقلها رفع العقوبات الاقتصادية الغربية والامريكية.

ويرى في حال وصلت الأمور إلى طريق مسدود مع أمريكا تحديدا، أنه قد تفاجئ إيران العالم بإعلان امتلاك السلاح النووي، وإذ يستبعد الكثيرون اقدام الجمهورية الإسلامية على خطوة كبيرة كهذه، فإن سيناريو كهذا مرتبط بتشكل قناعة راسخة لدى القيادة الإيرانية مفادها، أن لا مناص من “الردع النووي” في مواجهة التحدي الوجودي الذي تتعرض له إيران مع تكالب قوى الشر والاستكبار عليها وعلى سيادتها واستقلالها.

 

 خندق واحد

في المقابل، أكد النائب في البرلمان المصري، مصطفى بكري، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولًا جذريًا، وتنتقل من مرحلة النزاعات إلى مرحلة إعادة رسم الخريطة السياسية والأمنية للمنطقة، مشيرا إلى أن هذه المرحلة الصعبة تضع الدول أمام خيارات مصيرية.

وقال بكري، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المصري، أن موقف مصر الرافض للعدوان على إيران، يأتي في إطار الثوابت، وأن مصر لا يمكن أن تقف في خندق واحد مع إسرائيل، مهما كانت الخلافات المذهبية أو المواقف السابقة مع إيران.

وحذر بكري، في تغريده على حسابه بمنصة “أكس” رصدتها “الوحدة” من أن الخيارات المتاحة للمنطقة ليست سهلة، بل بين “الحياد أو الاصطفاف أو الذهاب في مهب الريح”، قائلا:” تناسوا خلافاتكم مع إيران، وقفوا وقفة عز لوضع حد للغطرسة الصهيونية” في إشارة إلى العالمين العربي والإسلامي.

وأكد بكري، أن هزيمة إيران تفتح الطريق أمام السيطرة الصهيونية على كامل المنطقة العربية وتغيير الأوضاع فيها، والهيمنة الكاملة على ثرواتها وتحقيق حلم إسرائيل الكبري.

بكري: مصر لن تقف في خندق واحد مع الاحتلال مهما كانت خلافاتها مع إيران

لافتا إلى أن من يصطف في خندق العدو الصهيوني في عدوانه على الجمهورية الإسلامية في إيران، سيدفع الثمن في المستقبل، وأثنى على كل الدول التي تقف بقوة في هذه المرحلة الحرجة معبرة عن رفضها وأدانتها لهذا العدوان، مشددا بأن التخاذل والتواطئ “عار يلحق الأمة بأسرها”، وفق تعبيره.

فوضى وخراب

وتعليقاً على ما يجري، قال البروفيسور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماعي السياسي بجامعة صنعاء، أن العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية في إيران، ليس سوى حلقة جديدة في مشروع الفوضى الإقليمي الذي تتبناه إسرائيل لترسيخ هيمنتها وإجهاض أي توازن إقليمي محتمل في المنطقة.

وأكد العودي، في منشور كتبه بصفحته “الفيسبوك”، رصدته “الوحدة” أن التصعيد الإسرائيلي لا يستهدف إيران وحدها بل يعرض أمن كل دول المنطقة لخطر الانفجار.

جازما أن الصمت الدولي تجاه هذا العدوان الممنهج يكشف حجم ازدواجية المعايير، ويؤكد أن ما يُمنح لإسرائيل من حصانة عسكرية وسياسية بات يشكل خطراً على استقرار العالم بأسره.

د. العودي: إسرائيل تتبنى مشروع الفوضى لترسيخ هيمنتها دون توازن إقليمي

وتابع: “علينا أن نرفض منطق الحرب، سواء جاء من كيان محتل أو من قوى إقليمية تُراهن على الصدام بدلاً من التوازن”.

ويرى العودي، أن الخروج من المأزق الراهن يتطلب مشروعاً إقليمياً رشيداً قائماً على احترام السيادة المتبادلة، وتصفير المشاكل ووقف التهديدات المتبادلة، لا عبر عسكرة المنطقة واستدعاء المواجهات.

ودعا القوى الإقليمية والضمائر الحرة في العالم إلى تبني موقف واضح يدين الاعتداء الغاشم على الشعب الإيراني، ولا يؤيد سياسة فرض الأمر الواقع بدلا عن منطق الحرب، الذي لا يحترم سيادة الشعوب واستقرار المنطقة.

غطرسة صهيونية

من جهته، يقول السياسي عبد الملك العجري، ما يجرى في الشرق الأوسط هو حرب لقوى تسعى للسيطرة والهيمنة، أولها المشروع الإسرائيلي والأمريكي.

وأشار العجري عضو الوطني المفاوض في تغريدة له على منصة “أكس” إلى أن قوة إيران تمثل عامل توازن مهما ومفيدا لكل دول المنطقة في مقابل النفوذ والغطرسة الصهيونية الأمريكية.

العجري: قوة إيران تمثل عامل توازن في وجه الغطرسة الصهيونية في المنطقة

وأضاف:” لو انكسرت -لا سمح الله – فذلك يعني سيادة طويلة لإسرائيل، حينها لن يجرؤ أي زعيم في الإقليم أن يرفع طرفه أمام نتنياهو ولن يكون أمامكم إلا الدخول في الإبراهيمية الجديدة صاغرين”.

الذراع الخفي

بدوره، يقول الباحث والسياسي سالم عوض العولقي، في حديثه لـ”الوحدة” نحن على أعتاب تحولات كبرى على الساحة الدولية والإقليمية، والمنطقة تنتظر مصيرها، موضحا أن ما يحدث يتجاوز الأمر البرنامج النووي الإيراني، لافتا إلى أن الصراع يعكس قرارا أمريكيا سريا لإضعاف إيران وإخضاعها لشروط الاستسلام.

وفي تعليقه على الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، يؤكد العولقي، أن من الضروري الإشارة إلى أن إسرائيل لا تتحرك بمعزل عن الغرب، بل إن معظم الهجمات التي تنفذها، خصوصًا ضد إيران، تكون بتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة، وفي كثير من الأحيان بتكليف غير معلن.

العولقي: الصراع يعكس قرارا أمريكيا سريا لإضعاف إيران وإخضاعها

ويرى أن المحور الغربي يستخدم إسرائيل كـ “حقل اختبار” لاستكشاف جاهزية إيران وقدرتها على الرد، ومدى تطور بنيتها الدفاعية والهجومية، استعدادًا لأي مواجهة محتملة مستقبلًا، مباشرة أو بالوكالة.

وأشار إلى أن الضربات والهجمات العسكرية الدائرة الآن لا تُقرأ فقط في إطار الصراع الإيراني الإسرائيلي، بل ضمن حسابات أكبر تقودها واشنطن، وتُبقي فيها طهران تحت المجهر طوال الوقت، لقياس أي نقطة ضعف قد تظهر.

وخلص العولقي إلى القول “أن طهران قادرة على توجيه ضربات دقيقة ومؤثرة حتى داخل العمق الإسرائيلي”.

حلم النتن ياهو وخرائط الخراب!

“هدفنا تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط”، كانت هذه عبارة استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليقا على اغتيال السيد حسن نصر الله وقادة في حزب الله اللبناني، وقبل ذلك تحدث عن “الشرق الأوسط الجديد”. لكن هل خطة وأطماع نتنياهو حديثة؟

تلك الوثيقة التي أعدها خبراء يهود وأمريكيون، رسمت خطة حكم نتنياهو فيما يرتبط بأمن إسرائيل وكيفية التعامل مع الفلسطينيين وعلاقة إسرائيل مع العرب، لكن نتنياهو انتظر نحو 25 عاماً لتنزيل تلك الخطة على الأرض، وبدأت ملامحها باتفاقات التطبيع وصولاً إلى الحرب الحالية.

اللبنة الفكرية الأساسية لهذا المشروع الحلم تعود إلى تقرير شهير بعنوان “A Clean Break: A New Strategy for Securing the Realm” (“الانفصال النظيف: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة”)، الذي صاغه فريق من المحافظين الجدد الأمريكيين، بتكليف من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، وتحديداً لمصلحة نتنياهو في بداية مسيرته السياسية.

لم يكن التقرير مجرد ورقة نظرية، بل وثيقة تخطيط استراتيجي، تنصح إسرائيل بالتخلي عن منطق التسوية مع العرب والانتقال إلى منطق إعادة تشكيل المنطقة بما يضمن تفوقها لعقود. من أبرز توصياته:

  • تدمير العراق كنقطة ارتكاز قومية يمكن أن تشكّل تهديدا في المستقبل.
  • عزل سوريا وتقويض نفوذها في لبنان وفلسطين.
  • إضعاف الكيانات المركزية في المنطقة لصالح كيانات مذهبية وعرقية متنازعة.
  • التحالف مع دول الخليج سنّيًا لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع استثمار الخوف من الشيعة والمقاومة.
  • تحويل الصراع العربي-الإسرائيلي إلى “خلاف محلي” يمكن حله إداريا.

بمعنى آخر، المشروع لا ينطلق من فرضية حل النزاعات، بل هندسة صراعات جديدة تُنهك العالم العربي وتُشرعن وجود إسرائيل كقوة مركزية حامية للاستقرار في قلب فوضى مصطنعة.

 

 

 

Comments are closed.

اهم الاخبار