تحليل “حجارة داود” تقهر “عربات جدعون” في جباليا
قال خبراء عسكريون إن العملية النوعية التي نفذتها كتائب القسام في مخيم جباليا شمالي غزة مساء الاثنين ضد قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، تمثل تحولًا في تكتيكات المقاومة، وتأتي في سياق العملية التي أطلقت عليها المقاومة اسم “حجارة داود”. وعدّوا تنفيذها بعد أكثر من 600 يوم من العدوان تطورًا لافتًا في أداء المقاومين الفلسطينيين.
وأعلنت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة “حماس”، أن مقاتليها خاضوا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال من مسافة صفر شرق مخيم جباليا، مشيرةً إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين.
وصباح أمس، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل ثلاثة جنود من لواء “جفعاتي”، بينهم قائد فرقة، خلال المعارك شمالي قطاع غزة، إثر استهداف سيارة عسكرية من نوع “همر”.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن عددًا من الجنود سقطوا بين قتيل وجريح في كمين محكم نفذته المقاومة في مخيم جباليا شمال القطاع، ووصفت العملية بأنها “صعبة جدًا”.
أهداف الفرصة عالية القيمة
قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن الكمين يأتي بعد 607 أيام من حرب الإبادة، وبعد كتلة نارية ضخمة أسقطت على جباليا، التي أعلن الاحتلال أكثر من مرة عن نجاحه في القضاء على المقاومة فيها، ليؤكد كمين القسام فشل حملات الاحتلال السابقة.
وأوضح أبو زيد لصحيفة “فلسطين” أن كمين جباليا المركّب يؤكد أن المقاومة تبحث عن أهداف الفرصة عالية القيمة، وتركز على العنصر البشري، الذي بات يمثل نقطة الضعف الأبرز لدى الاحتلال.
وأضاف أن المقاومة تركز في قتالها على المحور التضليلي للاحتلال، أي المحور الشمالي، نظرًا لقلة الإمكانيات والموارد العسكرية فيه، وتعمل في الوقت ذاته على تثبيت فرقة المظليين (98) التي تقاتل على محور خان يونس جنوب القطاع.
وأشار أبو زيد إلى نجاح المقاومة في إرهاق قوات الاحتلال شمالًا عبر تكبيدها خسائر، وجنوبًا عبر استنزافها بالوقفة التعبوية الطويلة، معتبرًا أن كمين جباليا وعددًا من الكمائن التي نُفّذت مؤخرًا في بيت لاهيا والشجاعية تعزز هذا التصور العملياتي.
تحوّل في التكتيكات
وكانت كتائب القسام قد أعلنت، الاثنين الفائت، تنفيذ عمليات نوعية استهدفت تجمعات وآليات عسكرية لجيش الاحتلال، ففي 31 مايو، قصفت تجمعًا لقوات الاحتلال شرق بلدة القرارة شمالي خان يونس بـ13 قذيفة هاون، كما استهدفت موقع “العين الثالثة” شرق خان يونس بثلاثة صواريخ من طراز “رجوم”.
كما أعلنت القسام عن استهداف جرافة من نوع “D9” بقذيفة “الياسين 105″، ثم دبابة بعبوة “شواظ” وقذيفة مماثلة في قيزان النجار جنوب خان يونس. من جهتها، قالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنها قصفت، بالاشتراك مع كتائب شهداء الأقصى، تجمعًا لجنود وآليات الاحتلال في محيط الضابطة الجمركية جنوب شرقي خان يونس.
وأكد أبو زيد أن التحول في تكتيكات المقاومة تزامن مع انطلاق عملية “حجارة داود”، ومع اعتماد الاحتلال بشكل كبير على القصف الجوي، ما يعكس عجزه عن تنفيذ عمليات برية واسعة ضمن ما يُعرف باسم “عربات جدعون”.
مناطق ليست آمنة
من جهته، قال الخبير العسكري إلياس حنا إن استراتيجية المقاومة ترتكز على القتال في المناطق البعيدة عن عمق القطاع، ولم يستبعد أن تكون عربة “همر” المستهدفة في جباليا كانت في الخطوط الخلفية أو في منطقة قريبة من مركز العمليات.
وأشار إلى أن عربة “همر” غير مدرعة، ويستقلها جنود الاحتلال في الأماكن التي يُعتقد أنها آمنة وسهلة، معتبرًا أنها هدف سهل لكنه مؤلم للاحتلال، بدليل سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى في صفوف جنودها.
وأوضح حنا، في حديث لقناة الجزيرة، أن هذا النوع من الحروب يجعل القوة متكافئة إلى حدٍّ ما بين الطرفين، مستدلًا بعدم قدرة جيش الاحتلال على استخدام الطيران الحربي بسبب الاشتباكات القريبة جدًا (المسافة صفر)، مما اضطره للاستعانة بالمروحيات.
ولفت إلى أن المروحيات كانت تهبط في مناطق آمنة لنقل الخسائر، لكن عدم قدرتها على الهبوط في جباليا يؤكد أن المنطقة لم تعد آمنة.
وحول توسيع نطاق العدوان، قال حنا إن هدف الاحتلال هو السيطرة على 75% من مساحة القطاع، من أجل حرمان المقاومة من المساحة والضغط عليها.
وفي المقابل، تذهب المقاومة إلى القتال في مناطق بعيدة مثل بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا شمالًا، وحي الشجاعية شرق غزة، وخان يونس جنوبًا، في محاولة لكسب الوقت واستنزاف الاحتلال لأقصى درجة ممكنة.
المصدر :” فلسطين أون لاين”
Comments are closed.