فرضت حصاراً بحرياً وجوياً.. اقتصاد “إسرائيل” يترنح بفعل الصواريخ اليمنية
الوحدة نيوز/ لا موانئ ولا أجواء آمنة للكيان الصهيوني بعد الآن. هكذا فرضت اليمن معادلة ردع صارمة في مسار معركة طوفان الأقصى المساندة للشعب الفلسطيني بغزة منذ البداية حتى اللحظة، كرد طبيعي لما ترتكبه إسرائيل من إبادة جماعية في القطاع بدعم أمريكي واضح، في ظل تخاذل عربي وإسلامي مشين.
تبدو إسرائيل اليوم في عزلة دولية، بعد أن أصبحت موانئها ومطاراتها أهدافاً عسكرية مشروعة للقوات المسلحة اليمنية، حيث توقفت ملاحتها الجوية في مطار اللد المسمى “بن غوريون” والبحرية في ميناءي إيلات وحيفا، فقد علقت معظم شركات الطيران الدولية رحلاتها الجوية إلى الكيان الصهيوني، وامتنعت السفن من التوجه إلى موانئه استجابة لتحذيرات اليمن بينما المستثمرون يعتزمون سحب رؤوس أموالهم من إسرائيل كونها صارت بيئة غير آمنة ومناسبة على المدى القريب أو البعيد للاستثمار فيها، فضلا عن إصابة القطاع السياحي بالشلل التام، وهروب مئات الآلاف من اليهود مزدوجي الجنسية المجمعين على أرض فلسطين المحتلة نحو بلدانهم الأصلية، تاركين خلفهم ممتلكاتهم وشركاتهم خوفاً على حياتهم جراء الصواريخ اليمنية المتساقطة على رؤوسهم بشكل يومي، الأمر الذي يجعل من اقتصاد الكيان يتجه للهاوية، ويتكبد خسائر فادحة على كافة المستويات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية.
يعيش الداخل الإسرائيلي حالة احتقان ستنفجر في أي لحظة وتتحول إلى صراع أهلي نتيجة السياسة الرعناء التي يتخذها الحزب اليميني المتطرف بقيادة المجرم “نتنياهو”، الذي جلب كل هذا الإرباك والقلق والخوف والدمار والخراب للكيان، نتيجة الحرب الوحشية التي يمارسها في حق الفلسطينيين بغزة، حيث بدأت حالة الشقاق السياسي والعسكري والمجتمعي واضحة في الوسط الصهيوني ناهيك عن السخط الدولي وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والتعاونية مع الاحتلال الإسرائيلي، وتوجه كثير من الدول صوب الاعتراف بدولة فلسطين لاسيما الأوروبية.
وفي خضم هذه الأحداث كان لليمن الدور المؤثر، حيث أسقط الصورة التي كان يتباهى بها الكيان الصهيوني كقوة لا تقهر، إذ فرض حصاراً جوياً وبحرياً عليه رغم البعد الجغرافي، واخترق قبابه الدفاعية، وجعل الصهاينة يعيشون حالة رعب غير مسبوقة، وأرغم الملايين منهم زيارة الملاجئ أكثر من مرة يومياً، بالإضافة إلى تكبيد اقتصاد الكيان الخسائر المهولة التي يتعمد اخفائها، غير أن الواقع يفضح مدى النزيف الذي يعاني منه الكيان بسبب الصواريخ اليمنية، وهذا ما يكشفه إعلام العدو الإسرائيلي عبر قنواته وصحفه وكذا وسائل الإعلام الدولية.
يعيش الكيان الصهيوني في ورطة تاريخية أمام اليمن ولن يستطيع الفكاك منها إلا بوقف العدوان الغاشم على الفلسطينيين في غزة والضفة والغربية المحتلة، وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع دون قيود أو شروط، وهذا ما تؤكده القيادة الثورية والسياسية والعسكرية مراراً للعالم وبالأخص العدو الصهيوني، وإذا استمر في عناده مستمرئاً الإبادة الجماعية للفلسطينيين بغزة، فإن التصعيد العسكري ضد الكيان سيكون موجعاً، لاسيما وأن صنعاء لاتزال تحتفظ بردها على العدوان الأخير على مطار صنعاء الدولي في الوقت المناسب، حيث والوعد قائماً وقادماً بـ”صيف ساخن” على إسرائيل.
الحظر الجوي اليمني ألغى أكثر 45 رحلة جوية إلى تل أبيب
إن توجيه وزارة الدفاع اليمنية مؤخراَ تحذيرها للمستثمرين والشركات العاملة لدى الكيان الصهيوني سرعة المغادرة لأن البيئة لن تكون آمنة، ليست مجرد تهديدات لغرض الاستعراض، بل رسالة صادقة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وانتهاز الفرصة لترك هذا الكيان فوراً دون تأخير، فثمة تطور عسكري ونوعي للقوات المسلحة اليمنية، سيكون للكيان الصهيوني النصيب الأوفر منه، وسيضع علامة فارقة في سير المعركة ضد إسرائيل، وهو ما أكدته وزارة الدفاع في بيان لها مطلع الأسبوع الجاري أن “صواريخها مصممة بعدة رؤوس حربية في حال اعتراضها تنقسم لتصيب أهداف أكثر وبما يجعل منظومات العدو الصهيوني بلا فائدة، وعلى كل صهيوني تحسس رأسه تحسباً لسقوطها”.
أما الملاجئ فلن تحمي الصهاينة هذه المرة، وقد تتحول إلى قبور جماعية لهم، إذ حذر الرئيس مهدي المشاط قطعان الصهاينة من أن الملاجئ لن تكون آمنة بعد اليوم وعليهم أن يتدبروا أمرهم وأن يعلموا أن حكومتهم لن تستطيع حمايتهم، مضيفا، “إن حكومة القذر نتنياهو غير قادرة على حمايتكم فالمفاجآت القادمة مؤلمة، حيث أن صواريخنا ستصمم على الوصول لهدفها أو الوصول لمجموعة أهداف عشوائية”، داعيًا جميع المسافرين حول العالم إلى تجنب الركوب على الطائرات التي لا زالت مستمرة في رحلاتها إلى مطار “بن غوريون” لأنها معرضة لعقوباتنا وليست آمنة.
ارتفاع اسعار التذاكر في إسرائيل
أدت حالات إلغاء الرحلات الجوية إلى إسرائيل من قبل شركات الطيران الأجنبية، والتي بدأت مع العدوان على قطاع غزة، إلى ارتفاع أسعار التذاكر هذا العام في قطاع الطيران الإسرائيلي، حتى تضاعفت، مقارنة بعام 2023.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، ألغت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل بشكل منتظم، وخلف ذلك تبعات اقتصادية سلبية.
ويأتي هذا الارتفاع، تزامناً مع استمرار حظر صنعاء للملاحة الجوية إلى مطارات الكيان، وإلغاء العشرات من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى “إسرائيل”.
وبحسب المكتب المركزي للإحصاء، ينفق الإسرائيليون حالياً أموالاً أكثر على الرحلات الجوية. وفي الفترة بين الربع الأول من عام 2023 والربع الأول من عام 2025، ارتفعت تكاليف رحلات الطيران للإسرائيليين بنسبة 6.3%، وفق صحيفة كالكاليست.
شديد: اليمن كسر المعادلة التي تحاول أمريكا وإسرائيل فرضها في المنطقة
ومنذ الخامس من مايو المنصرم، أعلنت شركات طيران دولية تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل، بعد سقوط صاروخ من اليمن في مطار “بن غوريون”.
وفي أعقاب ذلك، حذرت وزارة المواصلات في حكومة الكيان المحتل الشركات الإسرائيلية التي تواصل الطيران كالمعتاد “من استغلال الوضع لرفع الأسعار”، بحسب تقارير عبرية كالكاليست أشارت إلى أن هذه الظاهرة حدثت في الماضي عندما توقفت الشركات الأجنبية عن الطيران إلى مطار “بن غوريون”.
ونشرت صحيفة كالكاليست تقريراً جاء تحت عنوان: “تأثير اليمن: رحلة طيران مدتها 45 دقيقة من لارنكا إلى تل أبيب مقابل 430 دولاراً على شركة أركيا”، تناول الزيادات التي شهدتها تذاكر الرحلات الجوية في إسرائيل بعد عدة أيام من سقوط الصاروخ اليمني في محيط مطار “بن غوريون”.
وقال التقرير إنه في أعقاب الهجوم الصاروخي اليمني على مطار “بن غوريون”، تعمل شركات الطيران المحلية على زيادة رحلاتها، لكن أسعار التذاكر أغلى من المتوسط الموسمي لشركات الطيران الأجنبية.
إلغاء الرحلات إلى الكيان
وفي حدث غير عادي بالنسبة للكيان الصهيوني، لا تزال شركات الطيران الأجنبية مترددة في العودة إلى الطيران في إسرائيل، وقامت بتعليق أو إلغاء كافة رحلاتها حتى وقت محدد، ما بين منتصف يونيو ونهاية يوليو 2025. ويأتي ذلك على خلفية فرض القوات المسلحة اليمنية حظراً جوياً على مطار “بن غوريون” الرئيسي وهو بوابة إسرائيل الجوية على العالم، واستمرار الهجمات الصاروخية القادمة من اليمن التي تستهدف المطار، نتيجة لاستمرار الحرب والحصار على قطاع غزة، وهو ما تسبب في عزوف شركات الطيران الأجنبية بسبب عدم قدرة إسرائيل على تلافي أو احتواء الوضع الأمني المتدهور.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، واصلت عدداً كبيراً من الشركات تجميد رحلاتها، وعلى رأسها “لوفتهانزا” الألمانية التي لن تعود قبل 15 يونيو الجاري، وشركة طيران البلطيق حتى 2 يونيو قابلة للتمديد، وشركة ITA حتى 8 يونيو، وشركة “إير إنديا” حتى 19 يونيو، وشركة “رايان إير” حتى نهاية يوليو (وهي أكبر شركة طيران منخفض التكلفة في أوروبا وتحملت تكاليف بقيمة 3.8 ملايين يورو بسبب إلغاء الرحلات)، إضافةً إلى الخطوط الجوية البريطانية التي ألغت رحلاتها حتى نهاية يوليو القادم، وشركة Air Canada حتى شهر سبتمبر.
قحيم: صواريخنا ستصل إلى مخازن النترات والامنيوم ومفاعل ديمونة
ذلك كله يزيد الواقع في إسرائيل تعقيداً، ويحمل الصهاينة حكومة نتنياهو مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية وإرعابهم في بيوتهم ولجوئهم إلى مخابئ سفلية هرباً من الصواريخ اليمنية التي تستهدف إسرائيل ولا تتمكن قدرات الدفاع الجوي من اعتراضها، وفي حين تنال حكومة الاحتلال الإسرائيلية سخطاً شعبياً واسعاً، وسط أسعار وتكاليف سفر مرتفعة للغاية، خصوصاً بعد فقدان الصهاينة طيران “رايان إير” الذي يوفر أسعاراً منخفضة مقارنة بالمنافسين، وهي الشركة التي سبق وأكدت أن صبرها نفد تجاه إسرائيل واضطراباتها الداخلية.
فيما أكدت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي أنه بفعل الحظر الجوي اليمني أُلغيت أكثر 45 رحلة جوية إلى تل أبيب خلال 24ساعة فقط.
وأشارت صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى أن الحرب ضد اليمن معركة لا نهاية لها، حيث أن صاروخاً وأحداً منها يكفي لإنشاء نوع من الحصار الجوي على “إسرائيل” فقد منع الإطلاقات المستمرة شركات الطيران من العودة،
عين صنعاء على “ديمونة”
وعقب العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي واستهداف أخر طائرة مدنية فيه، توعد وزير النقل والاشغال العامة بحكومة التغيير والبناء محمد عياش قحيم الكيان الصهيوني برد مزلزل يستهدف ميناء حيفا لدى الكيان الإسرائيلي حيث قال في منشور له على منصة “إكس”، بأنه بفضل الله وتأييده ونصره وقوته، ستصل صواريخنا إلى مخازن النترات والامنيوم ومفاعل ديمونة كما وصلت سابقتها إلى مطار “بن جوريون”، مضيفاً بأنه لا رحمة لقتلة الأطفال (في إشارة لأطفال غزة)، منوهاً بأن اليمنيين لا يقبلون الضيم ولا يتركون حقوقهم مائة عام.
الاقتصاد الصهيوني ينزف
وتتواصل العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في العمق الإسرائيلي، كما يتواصل بذلك الحظر الجوي الذي تفرضه على ميناء “بن غوريون”، وعلى الملاحة الإسرائيلية سواء في البحرين الأحمر والعربي، أو في ميناءي إيلات وحيفا، مسقطة بذلك الهالة الدعائية التي أحاطت بها إسرائيل قدراتها العسكرية وخاصة ما تسميه “قوة الردع الإسرائيلية”، وملحقة بالاقتصاد الإسرائيلي خسائر تقدر بمليارات الدولارات، ومخلفة حالة من الاضطراب داخل الكيان، سواء على مستوى القيادة أو الشارع الإسرائيلي، الذي بات موقنا من أن الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم تعد آمنة له، كما أضح الدكتور محمد النعماني عضو المكتب السياسي الحراك الثوري الجنوبي، مشيراً إلى أن حركة النقل الجوي والبحري في إسرائيل سجلت تراجعا كبيراً منذ فرضت صنعاء الحظر الجوي والبحري على مطار “بن غوريون”، مطلع شهر مايو المنصرم بنسبة تصل إلى60%، فيما تقترب نسبة تراجع الحركة في ميناء حيفا إلى 40%، في حين أن ميناء إيلات على البحر الأحمر لا يزال معطلا منذ أكثر من عام ونصف، الأمر الذي يراكم الكثير من الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية ويزيد من نزيفه، إذ بات يترنح تحت وطأة هذه الخسائر وتتفاقم مشاكله يوما بعد آخر.
النعماني: الحركة في ميناء حيفا تراجعت إلى 40% و”إيلات” لا يزال معطلا
ويضيف النعماني أن صنعاء مستمرة في الموقف الذي تفردت به تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، دونا عن كل الأنظمة العربية، حيث قررت منذ الأيام الأولى للعدوان وقوفها إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وانخراطها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، بالفعل لا بالقول، مترجمة ذلك الموقف إلى عمليات عسكرية لم يعد بمقدور أحد التقليل من شأنها أو تجاهل تأثيراتها على الكيان الإسرائيلي على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي يزيد من إحراج الأنظمة العربية التي عجزت هذه المرة حتى من تبرير خذلانها لغزة، وللقضية الفلسطينية برمتها، ويكشف بوضوح أنه لا عذر يمكن أن يكون مبررا للصمت عن الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بالقتل والتجويع والحصار.
اليمن.. يعيد تشكيل المنطقة
استطاع اليمن كسر المعادلة التي تحاول أمريكا وإسرائيل فرضها، وهي أن يكون لإسرائيل الحق في ضرب أي مكان دون أن يرد أحد عليها. وهذا من شأنه أن يُنتج جيلاً عربياً وإسلامياً جديداً في المنطقة، ليس الجيل الذي تريده أمريكا أو إسرائيل، ولا حتى الأنظمة العربية المطبعة، كما أوضح الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد، والذي يرى أن ما يفعله اليمن يعيد تشكيل المنطقة بطريقة التي لا تريدها إسرائيل ولا أمريكا، مؤكداً أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، واليمن يتعامل معها بلغتها المفضلة.
الصواريخ اليمنية تترجم خطاباً وطنياً وقومياً يرى فلسطين جزءاً من الأمة العربية، ويعتبر المسجد الأقصى ليس ملكاً للفلسطينيين وحدهم، بل للأمتين العربية والإسلامية، بحسب شديد، لافتاً إلى أن حماية الأقصى ليست مسؤولية الشعب الفلسطيني وحده، خاصةً في ظل عجزه عن المواجهة، معتبراً أن الخطاب الجمعي يعيد القضية الفلسطينية إلى عمقها العربي والإسلامي.
الصمادي: صواريخ اليمن أصابت قلب الاقتصاد الإسرائيلي
ونوه شديد بأن القراءة الإسرائيلية لاستمرار الهجمات اليمنية هي قراءة أعمق بكثير؛ فاستمرار إطلاق هذه الصواريخ يعني مزيداً من التآكل والتراجع في الردع الإسرائيلي.
وتابع شديد: :عندما يرى مئات الملايين، بل ملياري مسلم، الأقصى يُدنَّس والشعب الفلسطيني يُذبح، ولم يتحرك أحد إلا اليمن يرد بضرباتٍ إلى مطار اللد ومدينة القدس وفي نفس الوقت تتجه بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
سماء الكيان محظور
يقول الخبير العسكري والإستراتيجي الأردني اللواء محمد الصمادي أن الصواريخ اليمنية لم تضرب العمق الإسرائيلي فحسب بل أصابت قلب الاقتصاد والسياحة وثقة المستثمرين وفرضت واقعًا جديدًا من الحظر الجوي، موضحاً أن “تل أبيب” باتت عاجزة عن إقناع العالم بأنها منطقة آمنة وسط اعتراف شعبي وإعلامي بأن سماء الكيان محظور كما توعّدت صنعاء.
Comments are closed.