توزيع المساعدات في غزة تحوّل إلى مصيدة موت
استحوذت حالة الفوضى الكبيرة التي أنتجتها آلية توزيع المساعدات التي استحدثتها إسرائيل داخل قطاع غزة والانتقادات الدولية الموجهة إلى حكومة بنيامين نتنياهو على عناوين كبرى الصحف العالمية.
وتناول تقرير في صحيفة ليبراسيون الفرنسية ما سمّاه “فخ الموت في غزة”، الذي تكشّف بعد إطلاق آلية توزيع المساعدات الجديدة.
واستدل التقرير باستشهاد عشرات الفلسطينيين الساعين للحصول على قليل من الطعام، مشيرا إلى أن “الكارثة التي تسببت فيها خطة المساعدات تعكس حجم الفوضى في مراكز التوزيع”.
ووفق التقرير، فإن نفي كل من شركات الأمن التي تحرس المكان والجيش الإسرائيلي إطلاق النار باتجاه الحشود يتناقض مع الشهادات التي جمعتها العديد من وكالات الأنباء الدولية.
وحذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فيليب لازاريني، من أن عمليات توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة تحوّلت إلى ما وصفه بـ”مصيدة للموت”، وسط استمرار القصف الصهيوني واستهداف المدنيين.
وفي بيان رسمي، دعا لازاريني، الكيان الصهيوني إلى رفع الحصار فورًا، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها بشكل آمن، تحت إشراف الأمم المتحدة، محذرًا من أن العراقيل الحالية تُنذر بمجاعة حقيقية في القطاع.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن عشرات المدنيين الفلسطينيين استُشهدوا أو أصيبوا مؤخرًا، بعدما فتحت قوات الاحتلال النار على حشود من المدنيين الجوعى أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.
وفي سياق متصل، انتقد لازاريني بشدة الخطة الصهيونية الحالية لتوزيع المساعدات، والتي تنص على تسليمها في أقصى جنوب مدينة رفح، ما اضطر آلاف المدنيين إلى قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام نحو مناطق مدمّرة بالكامل بفعل القصف، واصفًا ذلك بأنه “إجراء مهين لا يخفف المعاناة بل يعمّقها”.
كما طالب المفوض الأممي بالسماح لوسائل الإعلام الدولية بالدخول إلى غزة، لنقل الواقع الإنساني المأساوي هناك بشكل مستقل، مؤكدًا أن التعتيم الإعلامي يزيد من تفاقم الأزمة.
من جانبه، شدد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على أن خطة التوزيع التي يفرضها الكيان الصهيوني، ذات الطابع العسكري، “لا يمكنها بأي حال من الأحوال الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة” لسكان غزة المحاصرين.
وفيات بالمجاعة
وفي سياق التحذيرات الدولية المتصاعدة بشأن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، كشفت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط، حنان بلخي، أن أطفال غزة يموتون فعليًا جراء المجاعة ونقص الغذاء والدواء، مؤكدة أن الوضع بلغ مستويات “مرتفعة للغاية” من الخطر.
وأكدت بلخي، في تصريحات صحفية، أن الوفيات تسجّل يوميًا في صفوف الكبار والصغار على حد سواء، نتيجة الحصار الصهيوني الذي حرم السكان من أبسط مقومات الحياة، مشيرة إلى أن القطاع المحاصر يمر بمرحلة “انعدام أمن غذائي كامل”، حيث الناس “في أمسّ الحاجة إلى الغذاء والتغذية الأساسية”.
ومنذ 2 مارس الماضي، تنتهج قوات الاحتلال سياسة تجويع ممنهجة تجاه نحو 2.4 مليون فلسطيني، عبر إغلاق المعابر لأكثر من 90 يومًا، ما أدى إلى تراكم المساعدات على الحدود، مقابل تفاقم أعداد الوفيات الناتجة عن المجاعة داخل القطاع.
وقالت المسؤولة الأممية إن النظام الصحي في غزة “ينهار بالكامل”، إذ لا تزال سوى عدد محدود من المستشفيات قادرة على تقديم خدمات جزئية أو محدودة، في حين أن 42% من الأدوية الأساسية و64% من المعدات الطبية قد نفدت تمامًا.
وفي تطوّر ميداني خطير، يُسجّل سقوط شهداء يوميًا برصاص الاحتلال في صفوف الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات، بما فيها تلك التي تشرف عليها “مؤسسة غزة الإنسانية”، ما يعكس حجم المخاطر المرتبطة حتى بمحاولة النجاة.
لا تلبي الاحتياجات
وقال مدير عمليات شؤون “الأونروا” سام روز ، إن طرق توزيع المساعدات الإنسانية الحالية في قطاع غزة لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة في القطاع.
وأضاف المتحدث الأممي أن الأمم المتحدة أظهرت خلال وقف إطلاق النار أنها تمتلك القدرة على إيصال المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع للوصول إلى الناس حيثما كانوا.
واعتبر روز أن طرق التوزيع الحالية لا تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة في غزة، خاصة بالنسبة للمرضى وكبار السن والجرحى، مشيرا إلى أن الأونروا تدير أكبر عملية متواصلة تابعة للأمم المتحدة في العالم لتوزيع الغذاء، الإمدادات جاهزة، ما نحتاجه هو الوصول لتسليم المساعدات مباشرة إلى من هم بحاجتها، لا وقت لنضيعه.
وكانت وكالة الأونروا أكدت أن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشددة على ضرورة السماح بتدفق الإمدادات دون عوائق أو انقطاعات.
وأكدت الأونروا أن لديها في مستودعها في عمان ما يكفي من الإمدادات لإطعام أكثر من 200 ألف شخص في غزة لمدة شهر كامل، وتشمل هذه الإمدادات الدقيق، الطرود الغذائية، مستلزمات النظافة، البطانيات، والمستلزمات الطبية جاهزة للتسليم.
من جهة أخرى، حول الجيش الإسرائيلي مراكز المساعدات الأمريكية إلى أفخاخ موت للمدنيين بغزة.
ووثقت مشاهد لحظة إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على آلاف المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مركز المساعدات الأمريكي غرب رفح جنوب قطاع غزة.
وجرى توثيق الحادثة التي وقعت بالقرب من مركز توزيع المساعدات، حيث تعرض المدنيون العزل لإطلاق النار، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
Comments are closed.