في قصة كفاح ملهمة.. مبادرة مجتمعية لرصف طريق حيوي في مرهبة عمران

عبده حسين:

شهدت المناطق الريفية في محافظة عمران، إنجاز عشرات المشاريع المجتمعية التي تم من خلالها رصف طرقات وبناء سدود وحفر آبار وبناء وترميم فصول دراسية.

ففي لوحة تجسد أسمى معاني التكاتف والعطاء، أطلق أهالي قريتي صولان والكساد بعزلة مرهبة، مديرية ذيبين، محافظة عمران، مبادرة مجتمعية لرصف طريق المنار –الكساد-صولان ظفار، حيث مرقد الإمام عبدالله بن حمزة، باعتبارها أحد الطرق الحيوية التي تربط القرى ببعضها البعض وصولا إلى مركز المديرية، وتُعد شريانًا لحياة المواطنين اليومية في التنقل والتجارة.

وقد انطلقت المبادرة المجتمعية بمشاركة واسعة من الأهالي، شيوخًا وشبابًا، وبإشراف وجهاء المنطقة، وبمساهمة مالية وعينية من أبناء العزلة وأبناء القريتين المبادرتين بداخل الوطن وخارجه في مقدمتهم، والذين اعتبروا أن هذا المشروع ليس مجرد تعبيد طريق، بل “تعبيد درب الحياة الكريمة لأهلهم”.

مبادرة بعد معاناة

وقال الشيخ شاجع الصولاني، أحد وجهاء العزلة والمشرف على المبادرة، إن إطلاق “المبادرة جاء بعد سنوات من المعاناة مع الطريق الوعر، الذي عزل قرانا، وتسبب بأضرار للسيارات المارة، لذا قررنا أن نتحرك كمجتمع، فوجدنا أن التكاتف هو أقوى استجابة”.

المبادرة التي انطلقت منذ أسابيع قليلة، نجحت حتى الآن في رصف أكثر من 1.5 كيلومتر من الطريق بالحجارة والأسمنت، بجهود تطوعية من أبناء المنطقة.

دعم

فيما قال حلمي المرهبي، أحد أبناء المنطقة المبادرين والداعمين للمشروع :”لم ننتظر جهات رسمية، بل صممنا مسار الطريق بشكل هندسي آمن، ووزعنا المهام بين الفرق المجتمعية، وتم تحديد النقاط الحرجة التي تحتاج إلى تسوية أو تصريف مياه، وبحثنا عن مبادرين وداعمين من رجال الخير”.

الطريق، الذي يخدم أكثر من 3,000 نسمة في المنطقة، سيسهم – وفق الأهالي – في تسهيل نقل المرضى إلى المرافق الصحية، وتنشيط الحركة التجارية والزراعية، وتخفيف تكاليف النقل.

نموذج يجب تعميمه

من جهته، عبّر مسؤول التوعية في المبادرة ماجد الصولاني، عن فرحته قائلاً: “كنا نحمل البضائع على الظهر أو الدواب، واليوم يمكن للسيارات العبور بكل سهولة”.

واعتبر أن المبادرة نموذج يجب تعميمه في بقية عزل المديرية.

وأضاف: “هذا الجهد الشعبي يعبّر عن وعي مجتمعي متقدم، وسيكون حافزًا للجهات الرسمية في المديرية والمحافظة لدعم ما تبقى من مراحل الرصف للطريق”.

وطالب الأهالي المشاركون في المبادرة الجهات الحكومية والمنظمات التنموية بسرعة دعم المشروع ومساعدتهم على استكماله، خصوصًا في ظل محدودية الإمكانيات.

 

وعي مجتمعي

فيما اعتبر مدير المبادرات المجتمعية بالمديرية، صدام نهشل، أن “المبادرة تأتي في سياق الوعي المجتمعي والحس الوطني النبيل لأبناء القريتين، الذي يٌعيد الاعتبار لقيمة العمل الجماعي المشترك ويشجّع الاعتماد على الذات للإسهام في التنمية”.

وأوضح أن المبادرة حظيت بالدعم من قبل الأهالي لتشغيل الكمبريشات وقطع الأحجار وشراء النيس وتوفير العمالة الماهرة وغير الماهرة وتوفير كافة الاحتياجات غير الأسمنت والديزل، ليكون – المجتمع الفعال والشخص الفاعل نفسه- هو الوقود الفعلي والأساسي الذي يحرّك العزائم للمجتمع ويبعث الحياة والأمل من جديد.

ونوه بأن هذه المبادرة ليست مجرّد مسار ترابي يشق بالأرض فحسب، بل هي ممرُ للعلم والعمل والدواء والغذاء، بعد أن ظلّت وقتاً طويلاً تواجه تهالكاً وتدهوراً بفعل العوامل الطبيعية وتراكم الاهمال، ما جعل الحاجة ماسّة إلى إعادة تأهيلها كضرورة حتميّة ملحّة لا تقبل التأجيل أو الانتظار.

وأضاف: في كل حجر مُرصوف، قصة كفاح وإصرار، وفي كل خطوة على هذا الطريق، إحساس عميق بالانتماء والمسؤولية المشتركة؛ إنها صور تُجسد روح المبادرة الخلاقة وقوة التلاحم، ومصدر إلهام ودافع قوي لكل من يرى هذا الإنجاز المجتمعي الإنساني.

ليست مجرّد مسار ترابي يشق على الأرض فحسب بل ممرُ للعلم والعمل والدواء

دعم التنمية

وكان مدير المبادرات المجتمعية بالمحافظة هاشم الريدي، دشن الأيام الماضية المرحلة الثانية من دعم مشاريع المبادرات المجتمعية، في إطار الحرص على دعم مشاريع المبادرات المجتمعية لما لها من أهمية في توفير الخدمات ودعم عملية التنمية.

واشتمل الدعم على 12 ألف كيس اسمنت و63 ألف لتر من مادة الديزل كدفعة رابعة ضمن برنامج الدعم المقدم من وحدة التدخلات لمشاريع المبادرات المجتمعية في المحافظة.

وأوضح أن الدعم المقدم يستهدف 350 مبادرة مجتمعية تتوزع على مختلف مديريات المحافظة.

وأفاد بأن مشاريع المبادرة المدعومة تشمل مجالات المياه والتعليم والطرق والصحة وغيرها من المشاريع التي تسهم في تخفيف معاناة المواطنين.

مستقبل أكثر إشراقًا

“إذا تعاون الناس، ذلّت الصعاب” بهذه الكلمات، يختصر شباب قريتي صولان والكساد بعزلة مرهبة حكاية طريق بدأ بالحلم، وتحول إلى حقيقة بأيدي الناس، وبينما لا تزال الحجارة تُرصّف، يتردد في الأفق أمل جديد بأن مبادرات مثل هذه تعبد ليس فقط الطرق.. بل مستقبلًا أكثر إشراقًا للمجتمع اليمني.

 

Comments are closed.

اهم الاخبار