الوحدة الوطنية متجذرة في وجدان كـل يمنـي

الوحدة:

أكد أكاديميون وسياسيون على أن الوحدة الوطنية متجذرة في وجدان كـل يمنـي، ومـا تشـهده البلاد في الوقت الراهن لـن يؤثر على استمرارها.

جاء ذلك في الندوة الفكرية التي نظمها مركز “دال” للدراسات الاجتماعية بصنعاء، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، حضرها مجموعة من الأدباء والمفكرين والمثقفين والأكاديميين والسياسيين والشخصـيات الاجتماعية.

وشدد البروفيسور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، على أن اليمن كان ولا يزال أهم مركز جغرافي في الجزيرة العربيـة، ووحدتـه الجغرافيـة تعد أهـم عوامل الإستقرار والتحضر على المستوى المحلي والخارجي.

وجدد العودي تأكيده على أن مـا تشـهده البلاد في الوقت الراهن لـن يؤثر على استمرار الوحدة، لأنها متجذرة في وجدان كـل يمنـي.

د.العودي: مـا تشـهده اليمن في الوقت الراهن لـن يؤثر على استمرار الوحدة

وأشار إلى أن اليمنيين لـن يعـودوا إلـى زمـن التمزق والتفكك، لأن في وحدتهم عزة لهم ولوطنهم.

ونوه بأن شواهد التاريخ أكدت أن اليمن لـم تكـن رائدة في محيطها وقوية إلا بفضل وحدتها الجغرافية والسياسية.

منجز وطني

بدوره أكد السياسي اليمني مطهـر أحمد تقـي، على أن الوحدة اليمنية منجز وطني عظيم تحقق للشعب اليمني في ظل ظروف استثنائية وحقق لليمنيين آمالهم وطموحاتهمالتي ظلت تراودهم ويسعون لها طوال قرون من الزمن.

وأشار إلى أن استقرار اليمن كان من أهم مرتكزات توحدها وازدهارها حضاريا واقتصاديا، وصولا إلى بسط نفوذها على مـا حولهـا وتبنـي أمجادها.

وقال إنه تم إعادة تحقيق الوحـدة اليمنية في التاريخ المعاصر بطريقـة سـلمية وإرادة وطنيـة جامعـة لكـل اليمنيين كهدف سام راود كافة أبناء اليمن طوال فترات التمزق والتشطير.

وشدد على أن اليمن فـي فترات دول سبأ وحضرموت ومعين وقتبان وأوسان وحميـر وذي ريـدان، كانت موحدة بدولة مركزية قويـة، ازدهـرت خلالها الزراعـةوالتجارة البرية والبحرية وأسست نموا اقتصاديا ساهم فيمـا وصـلت إليـه تلك الـدول مـن أمجاد وحضارة ونفوذ إقليمي، وشأن كبير في التاريخ الإنساني، الأمر الذي عكس نفسه على بناء قوة عسكرية مكنت تلـك الـدول مـن بسـط سـلطتها علـى كامل الجغرافيا اليمنية المترامية الأطراف وفي ظلها عاش اليمنيون أهم مراحل حياتهم.

تقي: الوحدة اليمنية منجز وطني عظيم تحقق للشعب في ظروف استثنائية

ونوه بأهمية الترابط التاريخي والجغرافي بين اليمن والحبشة أثناء امتدادنفوذ الدول اليمنية القديمة؛ حيث تشكلت وحدة سياسية وجغرافية بين شرق وغرب البحر الأحمر كامتداد طبيعي للدولة اليمنية التـي حكمت اليمن والحبشة في أزهى المراحل التاريخية.

معان رمزية

وقد حمل احتفال اليمنيين بالوحدة بطريقتهم الخاصة خلال الأيام الماضية، رسائل سياسية مركبة، فهو من جهة تأكيد على السيادة الوطنية، ورفض مشاريع التقسيم والانفصال التي برزت في بعض مناطق البلاد.

فيما اعتبرها مراقبون رسالة سياسية موجهة للداخل والخارج، بأن صنعاء لا تزال تعتبر الوحدة اليمنية أساسًا للدولة وهويتها، مع إعادة توظيف المناسبة كجزء من الخطاب السياسي المرتبط بالصراع القائم، حيث تُعرض الوحدة كعنصر من عناصر “الصمود” في مواجهة “العدوان”.

رمزية الوحدة في الوجدان

إن الوحدة اليمنية لم تكن مجرد اتفاق سياسي عابر، بل جاءت كتتويج لحلم طويل راود اليمنيين منذ فجر الاستقلال في الجنوب عام 1967، وقيام الجمهورية في الشمال عام 1962؛ هذا الحلم تجسّد في شعارات النخب الوطنية، وتغذى من الوعي التاريخي المشترك، والهوية الثقافية الموحدة التي تربط اليمنيين على امتداد جغرافيتهم المتنوعة، ليمثل الاحتفال بالوحدة في رمزيته أملًا في العودة إلى الأصل، إلى وطن غير ممزق ولا مشرذم، إلى دولة واحدة تجمع الشمال والجنوب تحت راية العدالة والحرية والتنمية.

وفي أعين الكثيرين، تعد الوحدة استعادة لتاريخ طويل من التواصل والتكامل، وردّ على مشاريع التفرقة والتشطير التي غذّتها قوى إقليمية ودولية على مرّ العقود.

منجز سياسي وشعبي

أما من الناحية السياسية، فقد مثّلت الوحدة اليمنية أحد أهم التحولات في الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية في القرن العشرين؛ ففي الوقت الذي كانت فيه دول أخرى تعاني من الانقسام والتشرذم، جاء إعلان الوحدة اليمنية كخطوة جريئة تجاوزت عقودًا من الصراع بين دولتين كانتا تتبنيان نظامين مختلفين (رأسمالي في الشمال واشتراكي في الجنوب).

آمال متجددة

وفي 22 مايو من كل عام، يحتفل اليمنيون بذكرى إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي أُعلنت رسميًا في عام 1990 بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، بعد سنوات من الانقسام السياسي والاجتماعي والجغرافي، وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على هذا الحدث التاريخي، لا تزال دلالات الاحتفال بالوحدة تتأرجح بين آمال متجددة في الاستقرار، وواقع سياسي وأمني يعكس انقسامًا عميقًا وتحديات مركبة.