انتفاضة شعبية متواصلة في 3 مدن يمنية جنوبية وصنعاء توجه طلباً وحيداً
الوحدة:
تشهد مدن يمنية جنوبية انتفاضة شعبية متواصلة، منددة بالحكومة الموالية لتحالف العدوان السعودي الإماراتي، وما يسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، وتحالف العدوان ذاته.
وأبدى المجلس الانتقالي، قلقه من تداعيات ثورة النساء، تزامنا مع اتساع رقعتها جنوبا.
وأصدرت هيئة رئاسة الانتقالي بيانا جديدا لوحت فيه باستهداف أية تجمعات بذريعة “إساءة استغلالها”؛ في بيان هو الأول من نوعه منذ بدء ثورة النساء التي تلتها ثورة الرجال في محافظات عدن وأبين ولحج خلال الأيام الماضية.
ويأتي تهديد الانتقالي مع اتساع رقعة الاحتجاجات المنددة بالانهيار المعيشي والاقتصادي والخدمي.
وشهدت مدينة زنجبار، المركز الإداري لمحافظة أبين، البوابة الشرقية لعدن تظاهرات جديدة تعد الأولى من نوعها، شاركت فيها عشرات النسوة طالبن خلالها بوقف انهيار الخدمات وتوفير المياه والكهرباء وصرف المرتبات.
وقال مراقبون، إن التظاهرات تعد تحولا في مسار الاحتجاجات بعد أن ظل الانتقالي يعترضها خلال السنوات الماضية التي أعقبت سيطرته على مدينة عدن بدعم إماراتي.
واعتبروا أن تصاعد وتيرتها يشير إلى أن الانتقالي الذي يشكل أبرز المشاركين في الحكومة الموالية لتحالف العدوان، في مأزق رغم محاولاته تحميل خصومه في ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي مسؤولية الانهيار.
ثورة عارمة
الثورة العارمة التي تشهدها مدينة عدن وامتدت شرارتها إلى أبين ولحج، وتشارك فيها النساء والرجال، تحمل رسائل واضحة وغضبا متأججا للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفيرها والتنديد بسياسة الحكومة وما يسمى المجلس الانتقالي وتحالف العدوان على اليمن؛ حسبما رصدته “الوحدة”.
وردا على تلك الثورة، نفذت شرطة خور مكسر بعدن المحتلة حملة اقتحامات لعدد من المنازل واعتقلت شبابا تتراوح أعمارهم مابين 17-15 بتهمة المشاركة في فعالية ثورة الرجال وأجبرتهم على حلاقة رؤوسهم بطريقة مهينة.
فيما احتشدت المئات من النساء والأمهات في ساحة العروض في مديرية خور مكسر، في احتجاجات تحت عنوان” ثورة النسوان”، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمات الأساسية، ورفض ما وصفنه بـ”سياسة التعذيب الممنهج” التي تنتهجها السلطات في تعاملها مع المواطنين.
ورددت المحتجات، هتافات تعبّر عن سخطهن من تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية، مطالبات بحياة كريمة، ومنددات بالسلطات الموالية لتحالف العدوان.
وتأتي الاحتجاجات، في ظل غياب مختلف الخدمات عن مدينة عدن، في ظل تدهور العملة المحلية وارتفاع الأسعار، وسط تجاهل الحكومة الموالية لتحالف العدوان السعودي الإماراتي.
وكان محتجون غاضبون، قاموا بقطع الطرقات الرئيسية في حي السلام بمديرية خور مكسر بمدينة عدن المحتلة تعبيرًا عن رفضهم لجرائم مليشيا الانتقالي بحق المتظاهرين ومنعهم من ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي؛ في تأكيد جديد على أن الجنوب اليمني أصبح بركان غضب في محافظات عدن ولحج وأبين بدأ بثورة النسوان وامتد حتى اندلاع ثورة الرجال، للمطالبة بتوفير الخدمات وطرد ما تسمى الشرعية ومجلسها الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي.
منع التظاهرات
ياتي ذلك فيما أعلنت ما تسمى اللجنة الأمنية بعدن، منع تنظيم أي تظاهرات أو فعاليات جماهيرية “حتى إشعار آخر”، في أعقاب احتجاجات شعبية شهدتها ساحة العروض بمديرية خور مكسر، طالبت بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية في المدينة.
وقالت اللجنة في بيان لها تابعته “الوحدة”، إنها وفّرت الحماية الأمنية للفعاليات التي شهدتها المدينة مؤخرًا، مؤكدة التزامها بحق المواطنين في التعبير السلمي عن مطالبهم.
وزعمت اللجنة أن مجموعة من “العناصر المندسة” حاولت في ختام التظاهرة الأخيرة الاعتداء على قوات الأمن وإثارة الشغب وإغلاق الطرقات، وهذه التصرفات شكّلت تهديدًا للأمن العام واستُغلت بحسب وصف اللجنة بهدف “تعكير صفو الأمن واستغلال الحريات لأهداف تتنافى مع القيم المدنية والنظام العام”.
وأدعت اللجنة أن قرار المنع يأتي “حرصًا على المصلحة العامة وسلامة المواطنين”، و لن تتهاون مع أي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، داعية المواطنين إلى التعاون والإبلاغ عن أي “تحركات مشبوهة”.
وتأتي هذه التطورات بعد أن شهدت ساحة العروض في عدن تظاهرة شبابية واسعة، قُوبلت بإطلاق نار من قبل مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، واعتقال أحد المشاركين في التظاهرة، في خطوة وُصفت من ناشطين بأنها محاولة لتكميم الأفواه وتقييد الحريات.
تراجع
بدوره دعا رئيس ما يعرف بـ”المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي”، محافظ عدن للتراجع عن قرار منع التظاهرات في المدينة.
وأكد أن التظاهرات حق مكفول وأن على قوى الأمن حمايتها لا إطلاق النار عليها، حد تعبيره.
سباق احتجاجي
ويتسابق الرجال والنساء بمدينة عدن نحو تقديم رسالة الرفض الشعبي العام إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الخانقة، رافعين شعارات ضد الحكومة الموالية لتحالف العدوان على اليمن، وإهمالها الموصوف بالمتعمد تجاه حل القضايا التي تمس كل مواطن، ومطالبين بتحسين الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء والمياه وعدم الوقوف موقفاً سلبياً تجاه هذه المسائل المصيرية الملحة.
وقد شهدت ساحة العروض خروجاً احتجاجياً للرجال، طالب فيه المواطنون بصرف الرواتب والمستحقات المالية المتأخرة، وتحسين الكهرباء والمياه، ووضع حد لانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وشددوا على ضرورة أن تتوقف الحكومة عن الإهمال المستمر في معالجة المشكلات الخدمية، مؤكدين أن استمرار هذا التدهور يؤثر سلباً في مناحي الحياة اليومية ويمس بشكل مباشر حياة المواطنين.
وردا على ذلك، قامت قوات أمنية بتفريق المحتجين في هذه المظاهرة، في تدخُّل أمني منع الهتافات الغاضبة المنددة بتقاعس الحكومة، ولجأت القوات الأمنية، التي يُرجَّح تبعيتها لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، لإطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين. ويأتي ذلك رغم تأكيد سابق لقيادة الانتقالي على تأييدها لحق التظاهر السلمي.
تناوب على الشارع
وتأتي هذه المظاهرات في سياق ما يشبه السباق بين الرجال والنساء، إذ يتناوب الجنسان من المواطنين على الشارع اليمني في عدن لفرض كلمة شعبية تحاول إجبار الحكومة على وضع حد لكل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وقد شهدت عدن مظاهرتين نسائيتين في الأيام القليلة الماضية، تم فيها رفع الشعارات والمطالب نفسها بتوفير الخدمات الأساسية.
وأكدن استمرارهن في الخروج والمطالبة بحقوقهن حتى يتم الاستجابة لمطالبهن المشروعة.
مظاهرات في أبين ولحج
وفي محافظات أبين خرجت النساء في مظاهرات احتجاجية واسعة أيضاً؛ فقد خرجت نساء مدينة زنجبار للاحتجاج على انهيار الخدمات في المحافظة، وأكدت النساء رفضهن لاستمرار تدهور الخدمات الأساسية وأولها الكهرباء والمياه.
وفي محافظة لحج خرجت النساء في مظاهرة رفعت شعارات تطالب بالمطالب ذاتها. ووفقاً لبيان الوقفة الاحتجاجية، عبّرت المتظاهرات عن إدانتهن استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تثقل كاهل النساء والأسر في الجنوب، وحمّلن الجهات المسؤولة مسؤولية إيجاد حلول عاجلة وفعالة.
“ثورة النسوان”
تمتد من عدن إلى أبين ولحج
وطالبن بسرعة توفير الخدمات الأساسية في لحج وبقية المحافظات، وضمان صرف الرواتب بانتظام لأن ذلك يشكل خط الدفاع الأول عن استقرار الأسرة والمجتمع، مؤكدات على ضرورة الإسراع لضبط سعر العملة وخفض الأسعار، واتخاذ إجراءات جادة لاستقرار الاقتصاد، وحماية المواطنين من تداعيات التضخم وانهيار القدرة الشرائية، وإدراج القضايا المعيشية والخدمية والاقتصادية على أولويات خارطة الطريق الأممية.
انتفاضة طلابية
وفي تحرك طلابي هو الأوسع منذ سنوات، نفذ آلاف الطلاب من جامعة عدن ومختلف المراحل المدرسية، مدعومين من الاتحادات والمنتديات الطلابية، مسيرات احتجاجية، تحت شعار “ثورة الرجال”، رفعوا خلالها صوتهم عالياً ضد ما وصفوه بالانهيار الممنهج للعملية التعليمية وتردي الأوضاع المعيشية بشكل كارثي، مطالبين بتدخل عاجل لإنقاذ مستقبلهم وحقهم في حياة كريمة.
وأصدر الطلاب المشاركون بياناً شديد اللهجة، أكدوا فيه أن صبرهم قد نفد وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام “التجهيل والانهيار”.
وجاء في البيان: “لقد توحدت أصواتنا من مختلف الكليات والمناطق، في موقف طلابي موحد ومسؤول، حمل في جوهره الوعي، وفي نبرته الكرامة، وفي أهدافه مطلب العدالة والحق في بيئة تعليمية آمنة وكريمة”.
وعزا البيان هذا الانفجار الطلابي إلى تراكمات طويلة من الإهمال والتدهور، حيث باتت العملية التعليمية مهددة بالتوقف الكامل، وتحولت الخدمات الأساسية في المؤسسات التعليمية والسكنات الجامعية إلى “كابوس يومي” في ظل انقطاع الكهرباء المزمن، وشح المياه، والغلاء الفاحش، وغياب أي دعم حكومي حقيقي.
أوضاع كارثية
يأتي ذلك فيما أكد رئيس حكومة التغيير والبناء بصنعاء، أحمد غالب الرهوي، أن أبناء المحافظات والمناطق الواقعة تحت الاحتلال السعودي الإماراتي مطالبون بتوحيد جهودهم في مواجهة المحتل وعملائه ومرتزقته الذين أوصلوا الأوضاع المعيشية والخدمية فيها إلى مستويات كارثية ومأساوية.
وأوضح الرهوي لدى لقائه محافظ محافظة حضرموت لقمان باراس، أن مخططات ومشاريع العدوان والاحتلال موجهة ضد أبناء الشعب اليمني كافة وأمنهم واستقرارهم ومستقبل وطنهم.
ولفت إلى أن صنعاء بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لن تتأخر في تقديم العون اللازم للأحرار في مواجهة المحتل ومشاريعه وأطماعه وصولًا إلى تحرير الأرض اليمنية.
وأشاد الرهوي بالشخصيات الوازنة والأصوات الحرة الشريفة في حضرموت والمهرة وعموم المحافظات المحتلة التي عبرت عن مناهضتها للمحتل والتزامها بوحدة اليمن ورفضها القاطع لمشاريع التجزئة القديمة الجديدة.
ولفت إلى المسؤولية الواقعة على عاتق أحرار المناطق المحتلة بصورة عامة ومحافظتي حضرموت والمهرة بصورة خاصة في مقاومة المحتل بمختلف الإمكانات والوسائل المتاحة.
أزمة اقتصادية
وتشهد عدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، أزمة اقتصادية وانهياراً تاريخياً للعملة المحلية التي تجاوزت 2500 ريال للدولار الواحد، ما أدى إلى ارتفاع هائل للأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، كما دفع التجار والأسواق إلى التعامل بعملات أجنبية، وبالتحديد الريال السعودي، بدلاً من الريال اليمني، وبالتالي إلزام المواطنين على التعامل بهذه العملة في التداول اليومي، وسط صمت حكومي وغياب تام عن معاناة المواطنين.
ومنذ سنوات تعيش المحافظات المحتلة، تدهورًا متصاعدًا في مختلف الخدمات الأساسية، أبرزها الكهرباء والمياه والصحة، إلى جانب ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، ما دفع مواطنين للخروج في تظاهرات سلمية للتعبير عن سخطهم من تدهور الأوضاع، وسط تجاهل رسمي متواصل.
Comments are closed.