كارثة صحية صامتة في اليمن: الفئران وانهيار النظام الصحي

كتب/ طه علي هاجر: يشهد اليمن في السنوات الأخيرة أزمة صحية متفاقمة، لا تقتصر أسبابها على ضعف البنية التحتية أو نقص الموارد، بل تمتد إلى مسببات بيئية خطيرة، على رأسها الانتشار غير المسبوق للقوارض، وخاصة الفئران، التي أصبحت تهدد الصحة العامة بشكل مباشر.

الفئران: خطر متنامٍ

كانت الجهات المختصة في العاصمة تقوم بحملات دورية لمكافحة الفئران من خلال توزيع السموم في شبكات الصرف الصحي مرتين في السنة بحسب افادة مختصين بذلك، مما كان يسهم بشكل فعّال في تقليل أعدادها والسيطرة على انتشارها. إلا أن هذه الحملات توقفت ، ما أدى إلى تضاعف أعداد الفئران بشكل مخيف.

بحسب تقارير غير رسمية وشهادات من المواطنين، أصبحت الفئران تنتشر في كل مكان: المنازل، مخازن الأغذية، المستشفيات، وحتى المؤسسات الحكومية، وهو ما يشكل بيئة خصبة لنقل الأمراض والأوبئة.

أثر بيئي وصحي خطير

تُعد الفئران من أخطر ناقلي الأمراض للإنسان، فهي مسؤولة عن نقل أكثر من 35 مرضاً، من بينها الطاعون، والحمى النزفية، وداء اللولبية النحيفة، والتيفوئيد، والسالمونيلا، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تنتقل عبر البول أو البراز أو العضات أو حتى من خلال ملامسة الأسطح الملوثة.

في ظل انهيار الخدمات الصحية الأساسية في اليمن، يمثل انتشار الفئران تحديًا مضاعفًا؛ حيث تفتقر المستشفيات والعيادات إلى الإمكانيات الكافية لرصد هذه الأمراض أو التعامل مع تفشيها.

البُعد الاقتصادي والاجتماعي

يتسبب اختلال النظام الصحي، الناجم جزئيًا عن الإهمال البيئي، في آثار اقتصادية واجتماعية خطيرة. إذ يؤدي تفشي الأمراض إلى تقليل الإنتاجية، وزيادة الأعباء على الأسر، وتراجع القدرة الإنجابية لدى بعض الفئات نتيجة التعرض لمسببات الأمراض المستوطنة. كما ينعكس ذلك على الأمن الغذائي بسبب تلوث الأغذية وتلفها في المخازن، ما يفاقم معاناة المواطن.

دعوة عاجلة للتحرك

ما يحدث اليوم يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية، سواء على المستوى المحلي أو منظمات الصحة والبيئة الدولية. لا يمكن فصل الصحة العامة عن البيئة، ولا يمكن بناء نظام صحي فعال دون القضاء على بؤر التلوث وانتشار الأوبئة.

نهيب بالجهات المسؤولة في أمانة العاصمة ووزارة الصحة والبيئة إطلاق حملات شاملة ومنتظمة لمكافحة الفئران، والعمل على وضع استراتيجية وطنية للسيطرة على هذه الآفة، مع إشراك المجتمع المحلي وتفعيل دور البلديات والمجالس المحلية في الرقابة البيئية.

الأمن الصحي في اليمن لم يعد يحتمل التأجيل، وكل تأخير في مواجهة هذه الكارثة البيئية يمثل خطرًا مباشرًا على حياة الملايين. المكافحة ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية وإنسانية عاجلة، يجب ان يتحمل المعنيين في اليمن مسؤولية هذه الكارثه مالم فسيأتي يوم نتفاجئ فيه ببلوغ عدد الفئران لأكثر من عدد السكان .

 

من صفحته على الفيسبوك

Comments are closed.

اهم الاخبار