محمد محمد المقالح: بين الحرب في أوكرانيا والحرب في كشمير.. تكون العبرة!
تبين للهند أن الفخ الذي نصبته جماعة إرهابية تتهم بصلتها بالأجهزة الباكستانية لم يكن حدثا معزولا، بل كانت باكستان ومن وقف خلف العملية الإرهابية قد أعدت لما بعده جيدا، وقد ظهر ذلك بعد العملية لا قبلها وتحديدا حين اعتقدت أنها ستقوم برد محدود ومدروس لن يودي الى مواجهة لكن رد باكستان كان قويا وغير متوقع.
وحين أدركت الهند بأنها وقعت في فخ خطير لا يمكن ان تكون باكستان هي وحدها من نصبته قررت التراجع والتأمل جيدا في طبيعة المؤامرة على أمنها واستقرارها كبلد ينمو ويتطور بصورة سريعة وهكذا انتهت الجولة الأخيرة من الحرب ولا بأس أن تشعر باكستان بالنصر في هذه الجولة ولكن الحرب لن تتوقف وبالتالي لن يتوقف الإعداد لها بوتيرة أفضل حتى تحل مشكلة كشمير.
الأمر ذاته حدث لروسيا الاتحادية مع أوكرانيا من قبل حين اندفعت قواتها في بداية الحرب لتحاصر كييف وخاركيف والمدن الكبرى في أوكرانيا بهدف الضغط على أوكرانيا للتخلي عن اقليم دونباس وشبه جزيرة القرم وبحرب خاطفة وسريعة لا تكلف الكثير.
لكنها اكتشفت سريعا أن أوكرانيا قد أعدت لهذه اللحظة من سنوات وأن ثمة من يقف خلفها ومن أمامها ليس سياسيا فقط بل وعسكريا وأمنيا وتكنلوجيا لإلحاق أكبر هزيمة لروسيا في تاريخها ما يودي حتما الى تأخر تطورها بل والى تفكيكها والاستيلاء على ثرواتها.
ولهذا وحين بدأت دباباتها تتفجر الواحدة تلو الأخرى في محيط كييف وخاركيف بالمسيرات الحديثة والأقمار الصناعية والاستخبارات العسكرية للناتو بكامله قررت التراجع والانسحاب إلى إقليم دونباس، ولكن دون التخلي عن أهدافها بل بإبدال الحرب الخاطفة بالحرب الطويلة والحسم السريع بالانتصارات الجزئية والمتدرجة وبهذه الطريقة خسرت كثيرا من جنودها وإمكانياتها الاقتصادية، لكنها فوتت الفرصة على إلحاق الضرر الكبير بها، وها هي اليوم تكاد تحقق كل أهدافها في حين خسرت أوكرانيا والغرب من خلفها كل شيء وبأضعاف أضعاف ما خسرته روسيا، بدءا من الجند والمعدات والاقتصاد والبنية التحتية والناتو والنازية الجديدة وانتهاء بالأرض والسيادة بل وصولا إلى التهديد بوجودها كدولة.
لا اعتقد أن الصراع بين الهند وباكستان هو صراع وجود أصلا كما هو الحال بين الغرب ممثلا بطرفي الأطلسي والشرق ممثلا بروسيا وأوراسيا، بل هو صراع حدود ومن نصب للآخر فخا سيعرف قريبا أنه لم يستفد منه بقدر ما استفاد وسيستفيد منه أطراف خارج البلدين وأكبر من البلدين وعلى باكستان أن لا تستند إلى ما اعتبرته تفوقا في هذه الجولة على الهند لأن الهند قررت التراجع بوعي وبهدف التأني والعمل على أن لا يتكرر الأمر، والكبير هو من يجعل الصغير يتهور أكثر من اللازم فيقع وهذا هو الدرس الباكستاني الذي ينبغي استيعابه من قبل باكستان قبل غيرها.
………..
Comments are closed.