من أوشفيتز إلى غزة: الهولوكوست الحقيقي يحدث الآن
تقى الوشيلي
كانوا يبكون على أوشفيتز، يتباكون على رماد أجدادهم في أفران الغاز، وعلى ملامحهم التي ذابت تحت رماد الحرب، فصنعت لهم الإنسانية دولة على أنقاض شعب، وبررت لهم كل قذارة ارتكبوها باسم “مظلومية التاريخ”.
لكن التاريخ لا يرحم من يعيد فظائعه.
واليوم، لا تحتاج الإبادة إلى أفران ولا غاز.
في غزة، الأطفال يُشوون بالقنابل، الأمهات يُنتزعن من تحت الركام، والمدن تُمحى عن وجه الأرض.
الهولوكوست لم تنتهِ، بل عادت بوجهٍ صهيوني، وضحيةٍ كاذبة تحوّلت إلى جلّاد.
الهولوكوست، كما يزعمون، استمرت 12 عامًا وراح ضحيتها 6 ملايين يهودي. لكن فلسطين خلال عام واحد فقط، خسرت عشرات الآلاف ما بين شهيد، وجريح، ومفقود، ولاجئ.
مبانٍ تُهدم، أحياء تختفي، وأصوات تُخنق تحت الأنقاض… دون محاسبة.
رغم الخداع الذي تم ممارسته علينا حول أرقام المحرقة، يبقى ما يحدث في غزة أوضح صور الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، لكن حكومات العالم لا ترى، أو لا تريد أن ترى.
فدم اليهود عندهم أغلى من دماء الفلسطينيين، وكأنّ الإنسانية تُقاس بالجنسية… لا بالوجع.
من كان مظلومًا تحت السياط بالأمس، أصبح جلّاد اليوم.
والمؤلم أن صمت العالم وتخاذل العرب أصبح شيء اعتياديا.
ومع ذلك، الشعوب بدأت تفيق.
الصوت الذي كان يخاف من تهمة “معاداة السامية” صار اليوم يصرخ:
الضحايا ليسوا وحدهم اليهود، والجلاد ليس فقط النازي.
غزة اليوم هي أوشفيتز القرن الحادي والعشرين،
لكن الفارق أن الجريمة تُبثّ مباشرة،
والعالم… يتفرّج.
Comments are closed.