Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

طه العامري: أحداث العالم وبروبجندا الخطاب التبريري؟!

من أوكرانيا إلى مضيق تايوان، ومن واشنطن إلى طهران، ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا مرورا بأحداث الوطن العربي، تشتعل أحداث جيوساسية مجبولة بخطاب تبريري محمول على ظهر رافعة ( البروبجندا) الكفيلة بأن تجعل من الشائعة حقيقة ومن الاكاذيب ثوابت غير قابلة للانتقاص عبر خطاب تكريسي تسوقه أضخم وأحدث الماكينات الإعلامية التي يراها المتلقي مصدرا من مصادر  ( الإلهام والتنوير)!!

في خطاب مجبول بكل مفردات (الفضيلة) وداعيا  (لمكارم الأخلاق) وغايته تبرير أحداث غير أخلاقية ومجردة من كل القيم الأخلاقية والدوافع الإنسانية، لإحداث غايتها تطويع إرادة شعوب العالم لمنطق الهيمنة الاستعمارية ومنح المهيمن الاستعماري شرعية السيطرة والتحكم على مقدرات الشعوب وحريتها وسيادتها، فيما مفردات (الفضيلة) التي يتحفنا بها الخطاب الإمبريالي هي أشبه ب (الطعم) الذي يضعه الصياد على سنارته لاصطياد فريسته..!!

منذ عقد واعوام وخارطة العالم تشهد العديد  من الحرائق الدموية والصراعات الكارثية والمبررة ظاهريا بالثورات الاجتماعية وبرغبات الشعوب بالحرية والديمقراطية، فيما بعضها يصنف تحت مزاعم مكافحة الإرهاب وكل هذه المزاعم للأسف كاذبة ومزيفة ضحك بها صناع الأحداث على عقول البسطاء الحالمين فعلا لحياة الحرية والديمقراطية والكرامة والسيادة والمواطنة المتساوية والعيش الكريم، هؤلاء البسطاء الذين خرجوا عام 2011 م في عدة أقطار عربية رغبة في إحداث تحولات اجتماعية تكفل لهم حياة كريمة دون أن يدور في خلدهم انهم يصعدون إلى الهاوية وأنهم ينحرون أوطانهم ومجتمعاتهم لمصلحة (الشيطان)..؟!

والشيطان ليس أمريكا قطعا التي فيها شعب لا يختلف عن أفقر شعوب العالم وهو بدوره ضحية لطموحات (الكارتل الإمبريالي) كما هو حال بقية شعوب العالم التي تعيش أسيرة لمخططات وطموحات هذا الكارتل الاستعماري المتحكم بمجمع صناعات الأسلحة والمسيطر على أدوات التطور التقني والمتطلع للسيطرة المطلقة على منابع الطاقة وطرق امداداتها..!!

بيد أن ما يجري على خارطة العالم من أحداث دموية وحروب وصراعات هي ابعد ما تكون عن مبرراتها المعلنة التي يرددها أطرافها ويبررون بها ومن خلالها حروبهم وصراعاتهم ويحاول كل طرف إضفاء الشرعية على مواقفه واعتبار حربه عادلة وواجبة، فالحقيقة الراسخة هي أن كل هذه الحروب والصراعات لا مبررات أخلاقية لها، بقدر ما تندرج في سياق رغبات (قوي خفية)  تديرها وتتحكم بادواتها وأطرافها وتستهدف من خلالها إعادة تشكيل خارطة العالم الجيوسياسية وأحكام سيطرتها على منابع الطاقة وتأمين طرق إمداد الطاقة وقطع الطريق أمام قوي صاعدة منافسة للقوى التقليدية التي أحكمت سيطرتها على الاقتصاديات العالمية عبر ربط هذه الاقتصاديات بالدولار العملة الكونية الذي به تحدد قدرات الاقتصاد العالمي بصورة كلية وبه يتحكم حكام الدولار بسيادة وقدرات الدول والمجتمعات بصورة فردية وجماعية من خلال الثنائي الحارس لهذه العملة وهما البنك والصندوق الدوليين..؟!

إذا فكل هذه الحروب والصراعات الدموية والدماء التي تنزف من أجساد الشعوب وآلاف الضحايا الذين يتساقطون جراء هذه الحروب والصراعات، باسم السيادة الوطنية تارة وباسم مكافحة الإرهاب تارة أخرى، وباسم الحقوق والحريات وتحسين أوضاع الأقليات المهمشة، أو يتم ابتكار أسباب لتفجير الصراع في أي مجتمع كحال اليمن وسورية وليبيا والعراق والصومال والسودان، والتي يكفي لتفجرها في هذه المجتمعات أن ينفخ من يرغب في تفجيرها على ( قربة  المظالم، وديكتاتورية الأنظمة الحاكمة ) واستجرار بعض الوقائع والأحداث التاريخية وفيما تبدأ الصراعات بالاشتعال فإن هناك الكثير من العوامل الاجتماعية الكفيلة بديمومتها، وفيما أطرافها يعتبرون أنفسهم يخوضون حربا مقدسة دفاعا عن الوطن والشعب والسيادة والكرامة، بينما هم في الواقع ابعد من كل هذه المفاهيم والمبررات، ولا يدركون انهم يخوضون فيما بينهم صراعا داميا لخدمة مصالح (الكارتل الشيطاني) فيما مصلحة الأوطان والشعوب تتطلب أن يعي أبنائهم لحقيقة المؤامرات وان شجاعتهم ليس في احترابهم وقتال بعضهم بل في وحدتهم وتماسكهم وتفاهمهم وقدرتهم على الوحدة والتماسك وإفشال مخططات الأعداء الذين يشجعون طرفا وطنيا ضد آخر، تعبيرا عن لعبة شيطانية وقودها الأبرياء بل واوطان بكاملها تذهب ضحية هذه المخططات الشيطانية التي تعكس صراعا جيوسياسيا بين محاور دولية تتنافس على مناطق النفوذ وعلى حساب شعوب واوطان وقدرات..؟!

أن تقدم وتطور الشعوب والمجتمعات لا تأتي عبر فوهات البنادق ولا من خلال جنازير الدبابات بل تبني الأوطان بعقول أبنائها وبوحدتهم وتماسكهم الاجتماعي ومن خلال العدالة الاجتماعية والاعتراف بحقوق بعضهم بعضا وبتنوعهم الثقافي والاجتماعي والحضاري والفكري وتنافسهم السلمي في إطلاق الطاقات الفكرية الخلاقة لبناء وطنهم وتحقيق التنمية والتقدم..

أن الحروب الأهلية لا تصنع أوطان ولا تحقق تقدم بل تصنع احقادا وتنحتها في الوجدان والذاكرة بدليل أن واقعة (كربلاء) الظالمة والمؤلمة لاتزل حاضرة في ذاكرتنا وحتى في مفردات صراعنا وخطابنا عند أي حدث..؟!

لماذا نتذكرها؟! لأنها حدث مؤلم وغير مقبول، ويفترض أن نتخذ من هذه الواقعة محطة تأمل واتعاض تدفعنا لتجنب الصراعات الاجتماعية، التي وان حسمت لصالح طرف من الأطراف لكنها تظل عالقة في الذاكرة الجمعية وتبقى أكثر حضورا في ذاكرة المغلوبين الذين يظلون يعدون أنفسهم ويترقبون الفرصة للانقضاض على من تغلب عليهم وهكذا تبقى المجتمعات بما فيهما مساحة للثأرات والصراعات الاجتماعية التي لا تنتهي ولن تنتهي ما لم توجد عقول وطنية شجاعة ومبادرة وتمتلك الإرادة الكاملة لتجاوز الرغبات الثارية والإيمان بواحدية الوطن والهوية والمصير والوعي بالحاجة الوطنية والعمل على تلبيتها..!

لقد كشفت  حرب أوكرانيا عن  الكثير من الأسرار التي كانت مخفية عن أنظار البعض من صناع القرار في الكثير من المجتمعات والاقطار ومنها أقطار الوطن العربي والمفترض والحال كذلك أن يعود صناع القرار لرشدهم والاعتراف بالأخطاء التي وقعوا فيها، فقمة الشجاعة أن يعترف المرء باخطائه..؟!

بعد أن اتضح جليا أن كل هذه الحروب لاعلاقة لها بكل الشعارات التي يرفعها أطراف الصراع وأنها متصلة اتصال مباشرة بالجانب الاقتصادي بصورة كلية والمرتبط بمصالح محاور النفوذ وليس حتى لمصالح الشعوب والمجتمعات المتناحرة..؟!

واليمن بحكم موقعها الجغرافي تقع في قلب الأحداث الجيوسياسية الحالية وأيضا في صميم أولويات مشروع الحزام والطريق الذي تبنته الصين الشعبية، وسبق أن كان موقع اليمن محل تداول ونقاش وخطط لبعض المحاور الدولية التي سبق وأن أبدت رغبتها في التموضع ببعض النطاقات الجغرافية اليمنية، على سبيل المثال رغبة واشنطن في استئجار جزيرة سقطري وتحويلها كقاعدة عسكرية وهو ما تم رفضه من قبل النظام السابق الذي تبني قرارا بتحويل الجزيرة كمحمية طبيعية غير أن رحيل ذاك النظام دفع سلفه لإلغاء هذا القرار وتحويل الجزيرة إلى محافظة لتتحول الجزيرة والجغرافية اليمنية إلى بؤرة تنازع لأطراف إقليمية ودولية تسعى لأن تكون جزءا من مشروع الحزام والطريق عبر الجغرافية اليمنية التي عجزا أبنائها عن حمايتها..؟!

ameritaha@gmail.com

 

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share