Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

عن البردوني في الذكرى الـ 23

عبد المجيد التركي

كم من الناس يعرف أن منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أصدرت عُملة فضيَّة عليها صورة الشاعر عبد الله البردوني في العام 1982م.. تكريماً له كأعمى تجاوز كلَّ المعوقات وجاء بما لم يستطعه أحد !!

عبد الله البردوني.. اسمه هكذا فقط دون أيِّ ألقاب، لأنه كان فوق كلِّ لقَب، ولم يكن يحتاج إلى هذه الألقاب التي يحرص عليها المزيفون.. فقد كان يذيِّل مقالاته في صحيفة 26 سبتمبر هكذا: (المواطن عبدالله البردوني).

انتقل من الاسمية إلى العَلَمية، وصار اسم البردوني مقترناً باليمن مثل سدِّ مارب وعرش بلقيس وجبل نقم وشمسان وصهاريج عدن..

البردوني تجاوز معاصريه وأسلافه من الشعراء وأصبح مرحلة شعرية تؤرِّخ لأنموذج شعري جديد وإن ظهر بالشكل التقليدي فللتأكيد أن الأشكال قابلة لاحتواء كل حداثة.. لأنه بدأ بكتابة الشعر حين انطلقت أصوات الحداثة منادية بموت الشعر العمودي، فلم يكن لديه من خيار سوى أن ينجرف مع هذا التيار أو يثبت أن القصيدة العمودية تتَّسع للحداثة أيضاً.. وقد فعل ذلك بما يفوق كلَّ تصوُّر.

ويحضرني ما قال عنه أحد النقاد العرب حين أجاب على سؤال حول البردوني فقال: الشعر العربي مرَّ بثلاث مراحل: قديم وجديد وبردوني.

عبدالله البردوني كان يقرأ ما حوله حين يكتب القصيدة، ويستنتج ما سيأتي ويأتي الواقع مصدِّقاً لرؤيته التي كانت صافية كقلب الماء.

أكثر من خمسة كُتب تم تأليفها حول تجربته الشعرية، كلها بأقلام عربية، وقد سألتُه ذات يوم عن سبب انعدام الأقلام اليمنية في الكتابة عنه فقال لي: (المعرفة حجاب).

كان يرى ما لا يقدر أحد على رؤيته، رأى (وجوه دخانية في مرايا الليل) رغم فقدانه بصره، ورأى (رواغ المصابيح) رغم أن ذاكرة الضوء لم تكن لديه، وتخاطرَ مع (كائنات الشوق الآخر) رغم أنه كان يعيش في (زمان بلا نوعية)..

أخبرني رحمه الله عن مشاركته في العراق في مهرجان المربد، حين ذهب إلى هناك للمشاركة في مهرجان المربد بمناسبة مرور ألف سنة على وفاة أبي تمَّام.. بعد أن انتهى من إلقاء قصيدته في حضور أساطين الشعر وكبرائه جاءه نزار قباني وقال له : نعتذر يا أستاذ عبدالله لأننا قرأنا قصائدنا وأنت موجود.. فقال له البردوني: لماذا تعتذر !! قال له نزار: لأنك قلت كلما نريد أن نقوله ولم نقدر.. فسأله البردوني من أنت !! قال أنا نـِزار.. فقال له البردوني : قل نـــَـــزَار وليس نـِزار.

Share

التصنيفات: ثقافــة,عاجل

Share