Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

صوم الأطفال ما بين فوائد نفسية ومحاذير صحية!

نجيب علي العصار

“أنا فرحة جدا بالصوم أسوة بوالدي ووالدتي، لكنني لا أستطيع تحمل الصيام كامل اليوم فكانت عائلتي تشجعني وتتغاضى عن بعض هفواتي إذا نسيت وشربت، فكل شيء في بدايته صعب”.

هكذا تستقبل الطفلة هيا عادل العواضي (8 أعوام)، وبقية الأطفال داخل الأسر اليمنية، رمضان بفرح وتعظيم لا يقلان عن فرحة الكبار، لما يحمله هذا الضيف الكريم الذي يحل مرة في السنة من خير وبركة ونفحات ربانية وأجواء إيمانية تجعله فرصة مثلى لتلقين الطفل معاني الإيمان وتعويده على أداء العبادات، خاصة الصيام والصلاة.

تأثيرات نفسية وجسدية

وفيما يظل صيام الأطفال الصغار في شهر رمضان من الأمور المحيرة للآباء، بين رأي يؤكد أهمية تعويد الطفل على الصيام في سن مبكرة، ورأي آخر ينصح بعدم فعل ذلك قبل أن يصل سن البلوغ حفاظا على صحته، ليبقى السؤال مطروحا على المائدة الرمضانية وسط عشرات الاجتهادات المتضاربة، متى يبدأ الطفل الصيام وكيف يتم تدريبه عليه بشكل صحيح؟.

الدكتور بندر السامعي، طبيب التغذية الإكلينيكية في هيئة مستشفى الثورة بالحديدة، في تصريح لـ “الوحدة نيوز” دعا الآباء والأمهات إلى ضرورة ضبط مسألة صيام الأطفال الذين في مرحلة ما قبل البلوغ، ناصحا بأن يكون صيام الطفل الذي لم يصل لسن البلوغ لمدة نصف النهار فقط، لضمان عدم تأثر صحته خلال فترة الصيام.

ولفت إلى أن صيام رمضان خلال فصل الصيف يرتبط بنقص السوائل، مما قد يعرض الطفل للجفاف، ولذلك يجب الاهتمام بزيادة كمية السوائل من الماء والعصائر الطبيعية التي يتناولها أثناء وبعد وجبة الإفطار، مشيراً إلى أن قدرة الأطفال على الصيام تتفاوت تبعا للعديد من العوامل، ومنها بنية الطفل وحالته الصحية.

وأكد أخصائي التغذية الإكلينيكية بالأطفال، أن الصيام لا يؤثر في النمو الطبيعي للأطفال من الناحية العقلية والعصبية والجسدية، حيث ان نمو الجهاز العصبي والمخ يكتمل في السنوات الاولى من العمر (في سن من 2 – 3 سنوات).

وقال: “هناك تأثيرات نفسية وجسدية فقط عند الامتناع عن الاكل والشرب بدون التدرج بالصيام كالصيام الاجباري مثلاً من قبل بعض الاباء والامهات “.

 ممنوعون من الصوم

وشدد السامعي، على أهمية عدم إجبار الطفل على الصوم بشكل مفاجئ، بل بشكل تدريجي بزيادة ساعات الصوم يوم بعد يوم للتعود على مقاومة الجوع والعطش خاصة ونحن في فصل الصيف.

ويضيف:” ينبغي تدريب الطفل على الصيام بعد سن السابعة، لا يجوز إجبار الأطفال على الصوم ويُراعى التدرج في صيام الطفل عامًا بعد عام، إذ لا يُنصح بأن يصوم الشهر كله بل يُنصح بتحديد ساعات او أيام للصيام مثلًا: اليوم الأول من رمضان واليوم الأخير منه أو الامتناع عن الطعام فقط والاستمرار بشرب الماء والسوائل الطبيعية، أو تحديد ساعات الصوم خلال النهار (6- 8) ساعات مثلًا حتى يتعود الطفل عن الصيام الشهر كله وبالتدريج الملائم للطفل نفسياً وجسدياً”.

ضبط نشاط الطفل أثناء ساعات الصيام ضروري حتى لا يزيد إحساسه بالعطش والجوع وتجنبا لحدوث جفاف أو نقص بالسكر

وفيما يخص الأطفال الذين يعانون من أمراض معينة، كأمراض سوء التغذية، والقلب، والسكري، وفقر الدم، وأمراض الكلى، فحذّر من صيامهم على الإطلاق ولو لساعات قليلة من اليوم، موضحا أن الطفل المريض بداء السكر على سبيل المثال، يجب أن يمتنع عن الصيام، لما يمثله من خطورة على صحته، إذ أنه قد يؤدي إلى انخفاض أو ارتفاع شديد في مستوى السكر في الدم، أو الإصابة بغيبوبة السكر أو الجفاف.

مضاعفات صحية

ونصح السامعي في ختام حديثه، الآباء والأمهات، مراقبة ومتابعة حالة اطفالهم الصحية والنفسية والجسدية، بما فيها متطلباتهم الغذائية والصحية خصوصا في هذا الشهر الفضيل، وكذا مراقبة السكر بين الحين والأخر والالتزام بالنظام الغذائي الذي يحدده الطبيب ليتمكنوا من الصيام دون حدوث مضاعفات صحية، ومحاولة منع الاطفال من تجنب المواد الصناعية والمعلبات والمقليات والزيوت المصنعة،  وتقليل السكريات والاكثار من المصادر الغذائية البروتينية والدهنية والخضروات والفواكه الطازجة، كما حث الآباء والأمهات والأسرة بشكل عام بتثقيف وتوعية الأطفال بالعادات الغذائية الرمضانية الخاطئة والموروثة، واستبدلها بالعادات الغذائية الصحية والسليمة، التي بدورها تبني جيلاً وطنياً صحياً خالياً من الامراض والعلل المستقبلية .

آراء متضاربة

الحيرة والتفكير هي الحالة التي تعيشها الثلاثينية أم طارق، وفرضتها عليها الآراء المتضاربة حول فكرة صوم إبنها الذي لم يبلغ العشرة أعوام بعد.

فكثرة الآراء ما بين المؤيد والمعارض لفكرة صوم طفلها، جعلتها لا تعرف كيف تتصرف وهل تفرض على ابنها الصوم بالرغم من التعب والمجهود الذي سيواجهه طوال اليوم خاصة ونحن في فصل الصيف.

وتقول أم طارق لـ”الوحدة نيوز” “أريد لأبني أن يصوم، وأن يتعود على الصوم منذ الصغر، إلا أن بنيته الجسدية ضعيفة، قد لا يتحمل عناء صوم يوم كامل أم لا، وأخشى في الوقت ذاته أن أتركه يفطر فأكون قد خالفت الشريعة الإسلامية”.

هل الصيام خطر؟

من ناحية أخرى، أشارت الدراسات إلى أن الأطفال ما بين عمر 1-9 سنوات قد تنخفض نسبة السكر لديهم بمعدل 50% بعد صيام 24 ساعة.

كما أن 22% من هؤلاء الاطفال قد يعانون من انخفاض السكر إلى ما دون 40 مغم/ 100 مل وهي نسبة خطيرة ولذلك لا ينصح بصيام الأطفال دون العاشرة”.

طريقة ذكية لصيام الأطفال

وفيما تلجأ بعض الأسر اليمنية، لتشجيع أطفالها على الصيام بما يسمى ” بالمكافأة” أي أن يصوم الطفل نصف يوم، ثم يعاود صيام النصف الآخر في اليوم التالي، فيحصل على المكافأة التي قد تكون مالية أو عينية، وهي طريقة ذكية لتعويد الأطفال على الصيام دون إرهاق أجسامهم.

يقول أحمد التعزي أب لأربعة أطفال لـ” الوحدة نيوز” :” وعدت أبني الصغير محمد (8 أعوام) أن أشتري له “قطايف وبسبوسة” نوع من الحلويات التي تباع خلال شهر رمضان، مقابل أن يصوم حتى الظهر ثم يفطر، والأسبوع الثاني حتى العصر، وهكذا يستمر في التدريب حتى يصوم في الأسبوع الثالث يوما كاملا”.

اعتدال وعدم مبالغة

أما عن فوائد الصيام وانعكاسه على سلوك الطفل، يوضح الأخصائي التربوي محمد مصطفى لـ “منصة عوافي”، أن التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل منذ البداية تؤثر على سلوكه طوال حياته، لأن الطفل يقلّد كل من يحيط به في السلوكيات والأفعال، فعندما يرى والديه يصومان فهو يحاول محاكاتهما حتى يصل إلى سن البلوغ ويكون الصيام فرضا عليه.

وأكد أن القدوة في حياة الأبناء تلعب دورا هاما في تنشئتهم لذلك يجب على الوالدين أن يوضحا أهمية الصيام وفوائده للأطفال سواء من الناحية الأخلاقية أو الجسدية بتقليل كميات الطعام التي يحصل عليها الجسم مما يؤثر بشكل إيجابي على الجسم ويستطيع الفرد التحكم في شهواته، بالإضافة إلى الناحية الاجتماعية المتمثلة في الإحساس بمشاعر الفقير.

ولفت إلى أن الصوم يزيد الإيمان في قلوب الأطفال، في حين أن البعض منهم يستجيبون بصعوبة إلى التعوّد على الصيام، وهنا يكمن دور الوالدين في تحفيزهما للأطفال من خلال إعطائهم الأشياء المحببة لهم مقابل الصيام، لكن يكون ذلك بشكل من الاعتدال وعدم المبالغة حتى لا يتحول الأسلوب التربوي إلى ابتزاز من الطفل.

ويحذّر التربوي مصطفى من استخدام أساليب الإكراه أو العنف ضد الصغار، فالطرق المفيدة والمجدية في تعويد الأطفال على الصيام والإقبال عليه تكون بالتوجيه والإرشاد اللطيف، وتعليمهم أن الصوم أحد أركان الإسلام، وأن الله سبحانه وتعالى شرعه لفوائد دينية ودنيوية، ومن ثم تشجيعهم على المبادرة بصيام هذا الشهر الكريم.

 

 

Share

التصنيفات: تحقيقات,عاجل

Share