Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

طه العامري: رمضان كريم.. ورمضان رحمة وتأمل

لحكم كثيرة منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي فرض الله سبحانه وتعالى ( الصوم)  في شهر رمضان وقال سبحانه وتعالى ( شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان).. ويقول سبحانه ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)  .. صدق الله العظيم.

وقد جعل الله صوم رمضان الركن الخامس من أركان الإسلام بعد الشهادتان والزكاة والحج، وشهر رمضان هو شهر تهذيب النفوس وتمرينها وتدريبها وتأهيلها على حياة الزهد والتقوى والقيام بكل ما هو صالح وإخلاقي ونموذجي في سلوك الإنسان المؤمن وهو السلوك الذي يفترض ان يكون عليه المؤمن طيلة العام والعمر وفي كل الاوقات وليس في رمضان فقط..!!

لكن ثمة عادات وتقاليد أدخلت تزامنا مع حلول شهر رمضان المبارك في كل عام هذا الشهر الذي يصفه المسلمين بالمبارك  وهو مبارك  في عبادته وبزهده وبتقوى يتحلى بها الصائم _ إفتراضا _  للتقرب من ربه وفي سبيل التكفير والتطهر من أدران العام وشوائبه ومع ذلك فرضت على هذا الشهر الكريم انماط استهلاكية وتقاليد سلوكية وثقافية تناقض حكمة الله من فرض شهر رمضان على عباده الذين اتخذوا منه شهرا للتفاخر والاستهلاك والتباهي بدءا من تجديد الاثاث الى تحديث الاجهزة والادوات المنزلية لدى الغالبية العظمى من الشعوب الإسلامية الى مضاعفة المواد الاستهلاكية وتعدد اطباق المأكولات وبالتالي تحظى الانماط الاستهلاكية بنسبة 90٪ من اهتمام الصائمين مقابل 10٪ فقط من الاهتمام بالعبادات وبهذا يفتقد رمضان لرسالته الحقيقية حاله بذلك حال الدين بمجمله..!!

ان الله فرض شهر رمضان ليس كي يشعر الاغنياء بحاجة الفقراء وحسب، بل لكي ينقي المخلوق روحه ويصفيها من شوائب الدنيا ويعيش فترة زمنية مدتها 30 يوما ناسكا مخلصا لربه متفرغا لعبادته متقربا إليه بكل الأعمال الصالحة التي يشعر القائم بها بقربه ليس من الله بل من تعاليم الله وسيرة رسول الله عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام،  إما التقرب من الله فهذه مكرمة ومكانة لا يصل إليها إلي من بلغ مراحل الإيمان واليقين ثم الإحسان وهي أعلى مرتبة إيمانية لا اعتقد أننا في زمن يمكن ان نجد فيه امثال هؤلاء المؤمنين إلا من رحم ربي وهو وحده العالم بأعمال ووجود امثال هؤلاء من عباده في زمن كزماننا هذا الذي فيه حتى الصدقات توثق بالصوت والصورة والإنفاق للتفاخر والتباهي ولدرء شبهات سلوكية حتى يخيل لي ان غالبية المتفقين ينفقون اموالهم رياءا للناس كما وصفهم الله وحذرنا من امثال هؤلاء..؟!!

لكل ما سلف فان الله سبحانه وتعالى وهو اعلم بعباده اوصلنا إلى مرحلة حضارية مزرية كعقاب لنا على ما نحن فيه من سلوكيات وقيم ثقافية تتعارض مع كل قيم الإسلام وتعاليمه،  بعد ان صارت كل عبادتنا مجرد طقوس ليس إلا، نمارسها كعادة روتينية يومية وسنوية لا فرق في ذلك بين تأديتنا للصلاة او الصوم او الزكاة او الحج،  فالصلاة طقوس يومية نؤديها دون ان نكون على مستوى القيم الربانية التي تمثلها والغاية المرجوة منها فالله سبحانه وتعالى يقول ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)  إذا الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر لا جدوى منها،  الزكاة هي الاخرى تخضع لعملية احتيال وتحايل وفي هذا يمكن لمن يريد ان يحدث وبدون حرج،  الصيام هو الاخر اصبح مجرد طقوس شكلية يتباهي به الناس، فيما الحج تحول إلى مجرد مزار سياحي ومصدر جذب سياحي بعد ان افرغت المشاعر المقدسة من كل معلم مقدس وطغت على كل معالم المشاعر المقدسة الأنماط والادوات الغربية بأطيافها الرأسمالية الحديثة وبالتالي لم يعد هناك فرق بين زائر مكة والمدينة وزائر اهرامات الجيزة في مصر او صهاريج عدن و عرش بلقيس  في اليمن..؟!

لذا وعلى خلفية كل هذه الظواهر تعيش الامة هذا الانكسار الحضاري والقيمي والأخلاقي.. تجسيدا لقوله تعالى ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)  .

جعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

 

Share

التصنيفات: أقــلام,عاجل

Share