Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

مهمشون يمنيون على لائحة التميز الجامعي

عبده حسين:
أب يمني “أربعيني” من فئة المهمشين يتابع أخبار احتفالات التخرج على التلفاز، ثم يحتفل مع عائلته بتخرج أول طبيب من “المهمشين”، قبل أن يصدم عند قراءة المذيع لاسم الطبيب الخريج، الذي لم يكن سوى ابنه..!
في ذلك الوقت امتزجت دموع ومشاعر الفرح عند الأب؛ كما قال لـ”طالب يمني”.
إنها احتفالات تخرج طلاب الجامعات اليمنية في العام 2021؛ ينجح الطالب #راكان #سعيد #العزعزي متجاوزاً الصعاب ومحققاً هدفه رغم المعاناة وظروف الحرب القاهرة، ويصبح طبيبا؛ ليطوي بذلك صفحة من صفحات حياته المليئة بالتعب ويستبدلها بصفحة بيضاء سطورها الامل والفخر والتفوق والنجاح.
يقول راكان لـ”طالب يمني”، أن والده بفعل ظروف الحرب والحصار المفروض على مدينة تعز لم يتمكن من حضور حفل تخرجه الذي أقيم في مدينة إب، لكن والدته وشقيقه الاصغر سنا منه، تجشما عناء السفر، وشاركوه فرحته، بعناق ممزوج بدموع الفرح.
تمكن راكان بطموحه من تخطي العقبات و تجاوز عديدا من الازمات و المحن حتى نقش إسمه على لائحة النجاح والتميز الذي يمثل بداية النهاية، وحقق الحلم الذي كان يراوده منذ طفولته، لكنه لايزال يحلم بمواصلة دراسة الماجستير والدكتوراه، ومتابعة مستجدات تخصصه العلمي، وإثبات ذاته على الواقع العملي؛ حسب تعبيره.
تخرج راكان من الثانوية العامة بتفوق في مدرسة قريته النائية عام 2013 وحصل على معدل 86%.
بدأ راكان مسيرته التعليمية من ريف العزاعز بمديرية الشمايتين، حتى حصل على البكالوريوس من كلية الطب والعلوم الصحية، #جامعة #تعز، منطلقا نحو مستقبل مشرق، بل وعاش مع زملائه وكأنهم أسرة واحدة؛ كما أوضح لـ”طالب يمني”.
راكان واحد من بين حوالي خمسة بالمئة من الشبان المتعلمين بفئة المهمشين، مقابل حوالي 95% أميون؛ وفقا لتقديرات نعمان الحذيفي، رئيس الاتحاد الوطني للفئات الاشد فقراً، في رده على “طالب يمني”.
لكن الحذيفي، يُقر بأنه لا يوجد لدى الاتحاد احصائيات دقيقة لأعداد المتعلمين من فئة المهمشين بالنظر لتعدادهم وتواجدهم على امتداد الجغرافيا الوطنية اليمنية.
و يؤكد أن هناك العديد من الشباب ملتحقين في عدة تخصصات بالجامعات الحكومية والاهلية.
ويضيف: يسعى الاتحاد و فروعه بالمحافظات إلى الدفع بالمهمشين في كافة مراحل التعليم بما فيها التعليم الجامعي.
الدمج الاجتماعي
وعلى الرغم من ذلك فإن التعليم حق مكفول لجميع المواطنين بموجب الدستور والقانون ولا يوجد أي مانع أو عائق من التحاق الفئات المهمشة بالتعليم؛ حسب تعبير الدكتور محمود البكاري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة #تعز لـ”طالب يمني”.
ويضيف: ولذلك فان الحالات التي تلتحق بالتعليم تحقق قدر كبير من النجاح والتفوق شأنها شأن بقية فئات المجتمع الأخرى لأنه بالإصرار والمثابرة يتحقق النجاح لأي شخص كان، والعكس صحيح وليس لذلك أي علاقه بنوع الفئة الاجتماعية.
ويؤكد على المزيد من الدعم والتشجيع للفئات المهمشة من قبل فعاليات المجتمع المختلفة لكي يتحقق الدمج الاجتماعي للمهمشين في التعليم والتغلب على الصعوبات التي تعترضهم.
ويشدد على أنه يتوجب على الدولة أن تشجع المهمشين على الالتحاق بالتعليم وخاصة التعليم الجامعي من خلال اعفائهم من الرسوم الدراسية وشروط الالتحاق بالكليات الجامعية.
ويلفت إلى أنه يقع على الاعلام دور أساسي وهام بتوعية المهمشين بحقوقهم وأهمية التحاقهم بالتعليم لتحسين وتطوير ظروفهم وأوضاعهم المعيشية.
نجاح يحقق العدالة الاجتماعية
وبما أن لنجاح الكثير من المهمشين في الالتحاق بالتعليم الجامعي أوالمدرسي، تأثير نفسي وسلوكي إيجابي؛ فإن الدكتور عبدالخالق حندة خميس، أستاذ #علم #النفس الاكلنيكي #بجامعة #صنعاء، يعتبر في حديثه لـ”طالب يمني”، أن “نجاح المهمشين في الالتحاق بالتعليم الجامعي خطوة ايجابية ونقطة تحول فارقة ومفصلية في حياتهم الشخصية والاجتماعية، تعكس صورة مشرقة في نظرة الفرد لنفسه، وتزيد من ثقته بها”.
ويضيف: النجاح الجامعي للمهمشين يعطي لهم القدرة على المشاركة والتفاعل الاجتماعي بشكل كبير، مثلهم مثل أي مواطن يمني، الامر الذي يدفعهم إلى تحقيق كثير من النجاحات على المستويات الشخصية والاجتماعية وحتى الاسرية.
ويتابع: التحاق المهمشين بالتعليم الجامعي يعزز الكثير من الجوانب النفسية التي ستنتظم بشكل دقيق في سلوك الشخص أو الشاب الناجح، وتتعدل السلوكيات التي كان يقوم بها، ويتجنب السلوكيات الخاطئة التي كان يمارسها قبل التحاقه بالتعليم الجامعي أو المدرسي.
وينوه بان التحاق المهمشين بالتعليم الجامعي أو المدرسي يؤدي إلى تحقيق حالة من التوازن النفسي والاجتماعي لدى الملتحقين، وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية وذهاب الفوارق التمييزية بين الافراد، بما يعزز حقوق المهمشين اجتماعياً.
ويلفت إلى أن “النجاح التعليمي كغيره من النجاحات الحياتية الأخرى، يعتبر حالة ذهنية خاصة تنشأ لدى الشخص نتيجة تحقيق نتيجة عالية مهمة بالنسبة له”.
تهميش عرقي
وفيما إذا كان عدم التحاق المهمشين بالتعليم المدرسي والجامعي يعد مشكلة اجتماعية نتيجة للعزلة من قبل المجتمع أم أنهم يعزلون أنفسهم؛ فإن الاخصائية الاجتماعية بمدرسة الزهراء في العاصمة #صنعاء، هناء الصليلي، تنفي وجود تهميش عرقيّ في اليمن.
وتؤكد لـ”طالب يمني”، أن الطلاب المهمشين موجودين في كافة المدارس وأعطيت لهم امتيازات، من بينها مراعاة حالاتهم في المدارس الملتحقين بها وتقديم العون والمساعدة لهم وتوفير احتياجاتهم، إلا أنهم في بعض الأحيان يفتعلون مشاكل كثيرة مع زملائهم.
وتضيف: كما أن بعضهم يلجأ للتسول بعد الدوام المدرسي، ما يستدعي مننا كإخصائيين التواصل مع أهلهم وتوجيههم في أحيان كثيرة.
وتنوه بضرورة إدماجهم تعليميا ومجتمعيا للحد من المشكلات التي من أبرزها الامية المرتفعة.
تطوير بيئات التعليم لـ”المهمشين”
دعم فرص التدريب المهني ومِنح التعليم العالي للشباب، ودعم المدارس لتطوير بيئات التعليم في المناطق التي توجد فيها أعداد كبيرة من المهمشين، وإشراك الآباء والأمهات للتصدي لظاهرة التنمر والعقاب الجسدي؛ كانت أحدث ما أوصت به دراسة حديثة حول “إيصال أصوات المهمشين”، أعدها مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، في سبتمبر الماضي.
وخلصت الدراسة إلى أن ” التعليم يُعد عنصراً أساسياً في الحراك الاجتماعي والتمكين الاقتصادي، وهناك حاجة إلى فهمٍ أفضل للأسباب التي تجعل التحاق البنين بالمدارس وأداءهم فيها أقل من عدد الفتيات”.
مبادرات تعليمية
وفي يناير من العام الماضي 2021، دعمت منظمة #اليونيسف تنفيذ مبادرة “الحق في التعليم” بإشراف صندوق الرعاية الاجتماعية بصنعاء، لتحفيز وتشجيع الأطفال المهمشين للالتحاق بالفصول الدراسية، بعد أن تتسبب الأحوال المعيشية للمهمشين الذين يسكنون الأحياء العشوائية (المحاوي) في منطقة دار سلم، والواقعة في نطاق محافظة صنعاء، في حرمانهم من فرص الحصول على التعليم نظرا لافتقارهم للإمكانيات المالية.
وعمل أفراد اللجان المجتمعية والمتطوعون المنتمون لهذه الفئة السكانية، والذين استفادوا من “أنشطة التدريب الشاملة لليونيسف حول المشاركة المجتمعية”، على توعية أولياء الأمور في عدة مجالات من بينها أهمية تعليم الاطفال والحاقهم بالمدراس.
ومع بداية كل عام جامعي، تقدم وزارتي التعليم العالي والتعليم الفني بصنعاء مقاعد مجانية في الجامعات الحكومية والاهلية وكليات المجتمع والمعاهد المهنية والتقنية، لمن يسمونهم “أحفاد بلال”، على الرغم من اعتبار البعض أن هذا المسمى “تمييز” بحد ذاته.
وفي قبل اندلاع الحرب في اليمن، دشن خمسة شبان مبادرة من أجل تعليم الأطفال المهمشين في شوارع صنعاء، وبعد ثلاثة أشهر تبرع أحدهم بباصه ليكون فصلًا للدراسة خلال يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع ولمدة ساعتين في اليوم، وأسموها “مدرسة متحركة Mobile School”.
وتتباين تقديرات أعداد المهمشين في #اليمن تبايناً جذرياً، إذ تتراوح بين 500 ألف إلى 3.5 مليون نسمة، يتركّزون في الأحياء الفقيرة المحيطة بمدن اليمن الرئيسية.
وبحسب الاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقراً، فإن التعداد السكاني للمهمشين بلغ حوالي 3.5 مليون في مختلف محافظات البلاد؛ أي ما نسبته 12% من إجمالي سكان اليمن.
Share

التصنيفات: تحقيقات,عاجل

Share