Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

محمد طاهر أنعم: مفاوضات السويد والضغوط البريطانية

تقوم بريطانيا بدور كبير وملحوظ في الدفع لاستئناف المفاوضات اليمنية اليمنية في مدينة استكهولم السويدية في الأيام القادمة.

الدور البريطاني بدا لافتا للنظر من نواحي متعددة، من أبرزها أنه دور ليس متسقا مع الرغبات السعودية والإماراتية في استمرار معركة الحديدة لأطول أجل ممكن، و محاولاتهم الدفع بعشرات آلاف المرتزقة الجنوبيين والسودانيين وغيرهم لاقتحام المدينة واستهداف الميناء.

وليس متسقا بالتالي مع التوجه السعودي الإماراتي لإطالة أمد الحرب في اليمن إلا ما لا نهاية باعتبارها سياسة سعودية وإماراتية كما يبدو معتمدة على الدعم الأميركي المطلق والقدرات المالية الكبيرة.

وليس متسقا بالطبع كذلك مع رغبة ما تسمى الشرعية اليمنية والتي لا تريد توقف الحرب أبدا في اليمن لأن مصالح قيادات الشرعية هي في استمرار تلك الحرب فقط.

وهذا التوجه البريطاني غريب وشديد التعقيد، ولا بد أن له أسبابا مهمة وجوهرية لدى هذه الدولة المعروفة بخبرتها الاستعمارية الكبيرة في الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية بشكل خاص.

حيث أن المعروف أن الموقف البريطاني قريب في أوقات كثيرة من الموقف الأميركي في قضايا المنطقة والموقف من السعودية، وإن كانت بريطانيا أقرب للإمارات وتوجهاتها بخلاف السعودية التي تكون أقرب للولايات المتحدة.

ولكن خبراء السياسة لهم توجه آخر، وهو توجه قائم على تحليل التوجهات البريطانية السياسية منذ عقود كثيرة.
حيث أن لبريطانيا أحيانا مواقف مختلفة عن اميركا، بل وهناك تيارات داخل الأسر الحاكمة والسلطات في السعودية وغيرها تتأرجح بين الولاء لأميركا أو بريطانيا، ولهذا علاقة بالولاء لاستخبارات تلك الدول وتوجهاتها والتي تتشابه أحيانا وتختلف أحيانا أخرى.

ففي حين أن الملك فيصل بن عبدالعزيز كان ولاؤه بريطانيا ولا يتفق أحيانا مع أميركا، فإن فهد ومن بعده كان ولاءهم لأميركا بشكل أعمى، وحتى الآن توجد أجنحة مع تلك الدولة وأجنحة مع أخرى داخل الأسرة السعودية الحاكمة.

ويبدو أن التوجه السعودي والإماراتي الأخير للتحالف الأعمى والمطلق مع السلطة الجديدة في الولايات المتحدة أثار بعض حساسيات بريطانيا، وخاصة بعد تشكل تيار جديد في السلطة الأميركية بعد وصول ترامب للرئاسة يمكن تسميته بالتيار المتصهين، وهو تيار منشق عن تيار العولمة الذي كان يرتبط بالسياسة البريطانية المعروفة، ويختلف بالتالي عن تيار المجمع الصناعي العسكري الأميركي الذي يتركز في وزارات الدفاع والخزانة (المالية الأميركية).

الحساسية البريطانية من التحالف السعودي الإماراتي المطلق مع التيار الجديد في السلطة الأميركية له دور في اتخاذ مواقف محرجة للسعودية والإمارات، ومحاولة تشريع قرار أو دعوة في مجلس الأمن لايقاف الحرب، وقد وقفت الولايات المتحدة معيقا لهذا القرار أو الدعوة ومطالبة بتأجيلها لوقت لاحق.

وكل هذه الإشكالات يجب فهمها والغوص في دراستها من قبل السلطة السياسية في اليمن للاستفادة منها بقدر الممكن والمتفق مع المبادئ والمصالح اليمنية، وعدم التعامل بأسلوب الأبيض والأسود الذي تضيع معه كل الفرص السياسية ويجعل السلطة تحارب جميع الأعداء وتخبط في كل الاتجاهات.

Share

التصنيفات: أقــلام

Share