Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookCheck Our Feed

د.أحمد الصعدي: دفعة الشجرة !

شبهَ الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت الفلسفة بشجرة جذرها الميتافيزيقا وجذعها الفيزيقا وبقية العلومِ فروعها التي تنتهي إلى الميكانيكا والطب والأخلاق . وقد جعلَ ديكارت الأخلاق أرفع وأكمل وآخر مراتِب الحكمة لأن معرفتها تفترض معرفة تامة بالعلوم الاخرى ، وقالَ كما أن الثِمار لا تُجنى مِن جذور الأشجار ولا مِن جذوعها بل من أطراف فروعها ، كذلِك الحال مع ثمار الفلسفة وأكبر منفعة منها لا تجنى إلا من الأجزاء التي لا يتسنى تعلمها إلا آخر الأمر . وقد صار يُعرف هذا التشبيه الديكارتي للفلسفة بالشجرة ب((شجرة المعرفة)) . تذكرت هذا التشبيه وأنا اتأمل الفصول الجامعية التي قضيتها مع هذه الدفعة -ودفع سابقة- في رحاب كلية التربية بجامعة صنعاء . ففي الفصل الأول من السنة الأولى جمعتني بهذه الدفعة (أسس الفلسفة) ، وفيها يضع المستجدون أقدامهم على أعتاب الفلسفة من خِلال تعرفهم على ماهية وخصائص ووظائف المعرفة الفلسفية ، ومفاهيمها الرئيسية وفروعها . ومِن جذر الشجرة التي أتخيل أن هذه الدفعة كونتها لنفسها صعدنا إلى الجذع من خلال ((الفلسفة الحديثة)) وهي مادة تاريخية نظرية في المستوى الثالث ،وأخيراً التقينا في الفصل الأخير من المستوى الرابع ، وهو آخر فصول الدراسة الجامعية لنجني أكمل وأرفع وآخر مراتِب الحكمة حسب وصف ديكارت وهي ((فلسفة الأخلاق)) . وبهذه المناسبة ، مناسبة التخرج الفت نظر أفراد الدفعة المتخرجة إلى أن الشجرة التي تكونت خلال اربع سنوات يمكن أن تضمر وتذبل وتتساقط أوراقها بسهولة مالم يتوفر لها التراب والماء والهواء ،وهذا لا يوجد إلا في الكتب ولا يتم تغذية الشجرة بهِ إلا بالقراءة . فمن شاء أن تبقى شجرة الفلسفة التي زرعها في الجامعة خضراء مثمرة وباعثة للبهجة والمتعة عليه أن يجعل الكتاب خير جليس وخير صديق . فلتكن كل طالبة كتلك الفتاة المثقفة التي وصفت نفسها وصديقاتها على لسان عبد الله البردوني بالقول : ((وإعتيادي قبل العصافير أصحو ومساء يمسي الكتاب لصيقي )). وكذلك صديقاتها فهن يشبهنها تماما ،ولا غرابة ، فالمثل يقول (( قل لي من صديقك أقل لك من أنت )) لذا فهي تقول . عن صديقاتها : ((واللواتي يزرنني( أم زيد) و(منى المعفري) و((سلوى العذيقي)) ما سمعنا ، يقلن هذا وسيمٌ ذا انيق ٌ، او ذاك غير أنيقِ)) . أرجو أن يجعل أفراد الدفعة المتخرجة من القراءة خبزهم اليومي ، وهو ما كنتُ أعاتبهم وألومهم على التفريط فيه باستمرار . وماعدا ذلك فهذه دفعة رائعة جمعني بأفرادها الإحترام المتبادل والنوايا الطيبة ،وهي من أفضل الدفع من حيث السجايا الشخصية الحميدة ،وروح الألفة والمودة والتعاون السائدة بين الجميع بما في ذلك إعتمادها ((التداول السلمي للسلطة)) عند تغيير المندوبين .
[كتبت هذه السطور تلبية لطلب خريجي قسم الفلسفة والإجتماع /كلية التربية ، جامعة صنعاء ، دفعة العام الجامعي 2018-2019 ليضمنوها المجلة التي أعدوها بمناسبة التخرج التي أسموها دفعة حكاية فيلسوف]
Share

التصنيفات: أقــلام

الوسوم:

Share